فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في جامع التاجر القرشي، الذي هرب من شيوعية عدن (...)، كان يحاضرنا المرحوم عمر أحمد سيف، الذي وفد من الحبشة. وفي جامع «الغفران» كنا نتحلّق حول منبر الشيخ عبدالرحمن قحطان. أما مسجد «الكويت» فربما كان منع خطيبه وقيّمه الشيخ أحمد عبدالعزيز (مصري الجنسية) أي خطيب إخواني أن يرقى منبره غيره على ألا يتحدث في السياسة.
كانت منابر المساجد في تعز للإخوان المسلمين «حصرياً»، فصوروا لنا الشيوعية وضمنها «ماركس ولينين» جهنم الحمراء، وأن مجرد ذكرهم يوجب الكفر المؤدي للنار وبئس المصير.
وكان الحسد، الذي هو حب زوال النعمة عن الغير من أبرز أفكار دعوة الإخوان، فلا ينبغي أن نحسد دول البترول ولا أن نكره حكام المسلمين مثل جلالة الملك فيصل الذي كانت صوره تظهر كفيه المرفوعتين بالدعاء لأن أمنيته الوحيدة أن يصلي في القدس!
ولَّدت منابر هذه المساجد لدى طلاب الإعدادية كراهية للشيوعية الحمراء الحاقدة الحاسدة، بل وأصبحنا نكره إذاعة عدن لأنها تندد كل حين بالرجعية والإمبريالية والاستعمار، وأمسينا نكره ما يسمى «النيوز» السينمائي الذي يستهل بصورة جمال عبدالناصر «الشيوعي الآخر»!! الذي تباع الخمرة في شوارع بلده جهاراً نهاراً وتكشف نساء الأزهر الشريف وغير نساء الأزهر «سوءاتهن» دون خجل!!
وكان بعد ذلك أن سيطر الإخوان على المدارس، وخاصة بعد أن سحب عبدالناصر جنوده من اليمن وتولى شباب الإخوان المتخرجون من الثانوية سد الفراغ، وكان التركيز على تعميق فكرة أن أعداء الأمة يروجون مصطلحات مثل الرأسمالية والأمريكية والإمبريالية... هذه المصطلحات التي لم يفهمها الشباب على وجهها، ولم نفهمها نحن إلا بعد العدوان الأممي الوحشي على اليمن الآن!
فهمنا أن الرجعية العربية هي دول «الخليع» العربية، وعلى رأسها الوكيل الحصري للإمبريالية الأمريكية الأوروبية السعودية ووكلاؤها من الظاهر والباطن. وفهمنا أن الإمبريالية تعني السيطرة على مقدرات الشعوب، كما هو الحال في حضرموت وسقطرى وشبوة. وواجب الإعلام الحر تبيان الفرق بين دول الخليج والرجعية وبين الإمبريالية وسرقة واحتلال مدن اليمن وسرقة ونهب الحيوان والإنسان والطير والنبات من قبل أعراب النفط والغاز في الهمجية والسفالة والبداوة معاً.
إن اليمن الآن أصبح يعي الفرق بين ما كانت تذيعه منابر ومدارس تعز، والواقع الآن ويستطيع الآن وبعد الفرق بين العمالة والمواطنة كما يستطيع الآن وبعد أن نفرق بين استواء الشخصية وانفصامها، بين جمال عبدالناصر زعيم القومية العربية، وسلمان بن عبد العدو خادم الحرمين الشريفين، بين كارل ماركس وفضيلة عبدالرحمن السديس وفهد العريفي، بين اليساري عمر الجاوي واليميني علي محسن الأحمر، بين العميد سريع واللواء المالكي... والله غالب على أمره!

أترك تعليقاً

التعليقات