فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
لا بد أن يختار المحاضر للصفوف الفصلى بشروط الفنان الممثل القادر على التوصيل والتمثيل. ولا بد أن يعرف أهل الأمر ومن يهمه المسؤولية أن الطلاب مهما بدت أسنانهم صغيرة، فإن هؤلاء الصغار أصحاب وعي قد تربوا وتخرجوا على مدارس «البلايستيشن» و»فيسبوك» و»واتسأب» و»تويتر»... وفقهوا كثيراً من أفلام «البورنو» (Borno)، وهذا يعني أننا لا بد أن نضبط إحساساتنا على ساعة دقيقة من الفهم أن هؤلاء الصغار لم يعودوا صغاراً، وأنهم قادرون على التميز والتفريق. وأحسب أن موضوع المحاضر (بكسر الضاد) لن يكون حماسه كافياً ولم يكن صوته مديداً بالصرخة شرطاً لأن يكون محاضراً، فالمسألة مسألة حرب وجهاد، يحتاج المحارب أن يكون ذكياً قادراً على التكتيك والمناورة والمغامرة.
واتهمني شاب صغير بأني «سيد ناصبي» لأني قلت له: ماذا فهمت من المعسكر الصيفي؟ فقال إن أهم شيء تعلمه أن «آمين» ليست عربية وإنما أجنبية وهي نوع من المفهومات المغلوطة. وأنا أنكر أن هذه «الآمين» هي المعلومة التي هي أهم ما تعلمه هذا الشاب النبيل؛ ولكنه مفهومه القاصر ليكون على هذا النحو، وليس مستحيلاً أن يكون أستاذ مغفل قد فهم هذا المفهوم الذي يخيل إليه أنه شديد الخطورة!
إن في تراثنا أشباها ونظائر تدل على مثل هذه النوعية من الأساتذة الحمقى، فقد قيل إن واحداً من كبار العلماء كان وسط حلقة من طلابه، فإذا رجل جاء على خيله، فاره المنظر، شديد العناية بمظهره، ينزل من على خيله فيجلس ليلقي بين يدي الفقيه هذا السؤال، وكان هذا السائل عراقياً: ما هو قولكم في «نقط» الذباب على الثوب، هل يصح فيه الصلاة؟! فرد عليه الفقيه: يا أهل العراق، سفكتم دم الحسين وتسألونني عن «نقط» الذباب؟!
في هذا المثال كفاية لنفقه الأوليات والأولويات معاً بطريقة تمثيلية فنية حقيقية قادرة على الإقناع.

أترك تعليقاً

التعليقات