تغيير وبناء
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
سبقت كلمتنا أن مشكل الوطن العربي وأخيه الإسلامي وكل مشكلات الدنيا والآخرة هي مشكلة عدم تدقيق المصطلح، أو على الأقل مقاربته بفهم مشترك. فعل سبيل المثال: مصطلح «التغيير»، ويعني بالإنجليزي (Change) يفيد إزالة شيء كان موجوداً، ربما إلى الأفضل. أما مصطلح «البناء» فإنه يعني إحداث عمارة أو هيكل لسكن الإنسان أو الحيوان، أو إحداث حرز بالبنيان يأخذ حيزاً مكانياً على نحو ما، ومنه سميت «الكعبة» المشرفة «البُنْيِة». واستخدم اليمانون شعاراً للحكومة الجديدة، حكومة دولة الأخ أحمد غالب الرهوي، هو «التغيير والبناء»، تيمناً واستفتاحاً بالتفاؤل، أو الفأل الحسن.
والسؤال قبل: ماذا غيّرت هذه الحكومة حتى الآن؟! وماذا بنت؟! وهل وعى وزراء هذه الحكومة وعقلوا مصطلحي «البناء والتغيير»؟!
إن الإجابة على هذه الأسئلة تقتضي أولويات تفهمها هذه الحكومة، فما هي؟! السؤال يجيب عليه أصحاب المعالي الوزراء، كلّ باسمه وصفته، أو على الأقل «بصفته». الجواب بصيغة «مداعبة»: لا مفهوم واضحاً عند أصحاب المعالي!!
ولا بد من التذكير، فأول مطلب للبناء هو فحص التربة التي سيقوم عليها البناء. وهذا يوازي اختيار الكفاءة المناسبة، من حيث إمكانية الشخصية التي سينطلق بها الأداء. ثم إن فحص التربة يتوقف عليه: هل يناسب أن يقوم عليها بناء ما؟ وكم عدد الطوابق؟ فإذا كانت التربة منزلقة أو هشة، فإن الباني ينصرف إلى غيرها، ومن حق المقاول أن يقدر مدى صلاحية البناء الذي سيقوم على هذه التربة. ثم نأتي لفحص الحجارة أو المواد التي سيتكون منها البناء، كالطوب والإسمنت والخشب أو أي مادة أخرى، وهذا يماثل مدى صلاحية صاحب المعالي، وكم هي مدة عمله، لأن الوزير يستحق ما يستحقه المعمار
إذا المعمل -فحص التربة- يساوي صلاحية الشخص لشغل هذا المنصب أو ذاك، يأتي بعد المقصود من هذا البناء، هل هو للسكن الآدمي أم اصطبل للحيوان أم مخزن للحبوب أم مكان لتفقيس البيض (مزرعة دواجن) أم مخزن للغذاء... فلكل مبنى من هذه المباني شروط وفلسفة، فالغرض من الأغراض يحدد الاتجاه.
وفي المناسبة، عمد المهندس المعماري القديم في بناء بيوت صنعاء وغيرها إلى اختيار اتجاه المبنى بحسب الفصول، شتاء وصيفاً وربيعاً. وقيل إن السيدة بنت أحمد الصليحي، وعاصمتها «ذو جبلة» لها دار لا تزال أثراً موجوداً الآن يتكون من 360 غرفة، عدد أيام السنة، كل يوم تعيش في غرفة، كما لو كانت هذه الغرف جدولاً يومياً يتجدد فيه الزمن (انظر: «صفة جزيرة العرب» للهمداني، وكتاب «السلوك» للخزرجي - وزارة الثقافة... الخ).
وفي القرآن الكريم إشارات واضحة تفيد بأن الإنسان القديم اهتم بالبناء لسكن يقيه حر الصيف وقرّ الشتاء، يمنّ الله على خلفاء من بعد عاد {وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتا} (74 الأعراف)، {وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين} (149 الشعراء)، أي أن البناء يشكل مظهراً جمالياً يدل على الرفاه. وكان اتجاه البيت رمزاً من حيث الموقع للخير أو الشر {واجعلوا بيوتكم قبلة} (87 يونس).
والمقاول عادة لا يتسلم عملاً بنائياً إلّا بعد دراسة فاحصة للموقع، كيلا يتحمل مسؤولية سقوطه... الخ.
نخلص في من هذا كله إلى أن من اليسير القول بأن حكومة الرهوي لم تبدأ تتنفس؛ غير أن من الممكن أن نسألها وزيراً وزيراً أن يحدثونا عن أوليات عمل يخططون له، وعندنا الإعلام يفتح لهم نشر هذه الأوليات، فلقد يكون للمواطن رأي في هذه الأوليات كلها أو بعضها.

أترك تعليقاً

التعليقات