فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

على أمل أن تصل كل الدول العربية إلى ما سبق إليه رجال الحكم في دول العالم الحر من أن الكلمة سلاح فعال، بل إن الكلمة هي وحدها القادرة على استيعاب الأحداث وتحويرها لصالح الأمة. كان حكام العرب ولما يزالون يستبقون على حيازة عباقرة الكلمة شعراً ونثراً لإنتاج فكرتين متقابلتين، الفكرة الأولى أن يكون عبقري الكلمة جهازاً إعلامياً يسخر لمصلحة الحاكم والترويج له ليصبح قريباً من قلوب المؤمنين والملحدين على السواء "واحكم فأنت الواحد القهار". أما الفكرة الثانية، فالحاكم يقرب هذا العبقري لإضافة درع سميكة مقاومة لأي اختراق خارجي.
لقد اشتهر أبو الطيب المتنبي بأنه عبقري فرضته عبقريته باعتباره صوتاً متفرداً، وأحسب أن زيارة سيف الدولة لأنطاكية لزيارة حاكم تلك المنطقة، إنما كانت لحظة أبي الطيب الشاعر العبقري وعزمه أن يحل على حلب عاصمة الدولة العربية بعد أن تهاوت بغداد ومثلها البصرة والكوفة تحت أقدام العجم، وأصبح سيف الدولة جزءاً من إمبراطورية المتنبي العربية، ولما يزل هذا التقليد ساري المفاعيل حتى الوقت الحاضر، فكل الحكام العرب وليس جلهم، وإنما جميعهم يطرزون قاعات قصورهم بعبقريات الكلمة والفكرة لإضافة هيبة العبقرية إلى هيبة القوة إذ صعدوا (الحاكمين) على أفواه الدبابات.
وهنا أستأذن القارئ العزيز لأحكي هذه الحكاية، فقد بعث الملك السعودي سفيره لزيارة الشاعر عبدالله البردوني بعد أن طفحت العلاقة السعودية والمثقفين والمفكرين بعلاقة متوترة تكاد تقطع كل الأواصر، ليس بين السياسيين وحسب، وإنما الشعبين. قام سعادة السفير بزيارة الأستاذ البردوني. وفي ختام الحديث دس سعادته ظرف "معايدة" قبله الشاعر بجملة "تقبل الله منه" وبعد يومين اثنين ضجت صنعاء بقصيدة "صنعاء من الباب الخلفي"، وتميزت هذه القصيدة بالمباشرة وتسمية السعودية بالعدو المباشر والمحتل، ولما تزل هذه القصيدة بـ"النكف" لكل الأجيال من أبناء اليمن. ولأول مرة يحتشد اليمن جيشاً ولجاناً لدحر العدو السعودي الظالم، ولأول مرة يصطف أدباء اليمن ومفكروها ضد عدوان بغيض حقير.

أترك تعليقاً

التعليقات