فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ويستمر غلاء المعيشة في مدّ أكبر وأكثر من واضح لكل المواطنين، الفقراء والأغنياء على السواء، ليعيش الشعب حالة حرب ليس لها نظير في العالم، حرب القصف بالطائرات والصواريخ والمدافع في الجبهات وغير الجبهات، وقصف الغلاء المتوحش في الأسواق الذي يسقط جراءه كثير من الناس إما بالذبحة القلبية أو الصدرية أو الفشل الكلوي أو الضغط (نقصاً أو زيادة)، أو سماعاً لهذا الكذب والزيف الذي يعلنه أهل الاختصاص المسؤولون الذين يتهمهم غير قلة بالرشوة بالملايين، أي أنهم أهل الاختصاص، يرتشون من التجار المحاربين، فيكتفي أهل الرشوة ببعض صور إعلانية للضحك على المواطنين، بما يسمى قوائم الأسعار التي لا تساوي ثمن الحبر الذي يخط بها أو لضرورة الإبلاغ بالتلفون الذي ربما أصبح (البلاغ) مصدراً من مصادر ابتزاز تتيح الفرصة للذي يريد أن يعمر قصراً أو يشتري سيارة أو ذهباً لزوجته وبناته...
إن من بين آليات الحرب التجارية هو الكذب على الفقراء على سبيل الكذب، أن يفترض المحاولون أن كل مواطن يرتبط هاتفياً بالاختصاصيين، وأن كل مواطن لديه هاتف، وأن هذا الهاتف يمكنه أن يتصل عبر خط مجاني بالمسؤولين الذين وبأقل من مسافة "الذي عنده علم من الكتاب"... وسخر سائق "الدبّاب" وسخرنا معه عندما قال راكب إن واحداً من حارته قد استطاع الحصول على متطلبات الأسرة من خلال كفه عن التبليغ بصاحب مول (سوق كبير) يضاعف الأسعار بفارق كبير. قال راكب: وما الدليل على ذلك؟! فأعراض الناس ومن بينهم هذا التاجر أو هؤلاء التجار موفورة! قال له هذا الشاهد: لا بد أن تضمن لي ألف ريال مقابل أن أدلك على هذا اللص الذي تستطيع أن تميز بين أسعاره وأسعار بقالات بجواره، وقد حُبس ثلاثة أيام (طبعاً حبس 5 نجوم)، وما إن فتح بقالته حتى رفع أسعاره مقابل إقفال بقالته والغرامة التي غرمها، ومن ضمنها مبلغ الرشوة التي بردت سخونة جيب صاحب المسؤولية. وأرى بوضوح أن أمانة العاصمة والتجارة يقومون بالدعاية (المسلية) للشعب المحصور، بل للسخرية والضحك عليه عندما يلجؤون إلى تعجيزه بأن يقوم بالإبلاغ عن التاجر (المحارب)، ولكن لا بأس أن أدلي برأي مغامر وهو رأي ارتآه المرحوم صدام حسين بداية حربه الخليجية ضد إيران، فقد جمع التجار وبيده تسعيرة الغذاء والدواء قائلاً لهم: "سأضيف الربح خمس مرات، ومن يزيد في هذا السعر فلساً واحداً سأقتله"، وبعد شهر واحد أعدم تاجرا زاد عشرة فلسات، فانضبط السوق على أفضل حال.

أترك تعليقاً

التعليقات