فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
كثرت شكاوى الموت بسبب إهمال المشافي الخاصة والأهلية، فأصبح الاستثمار في الجانب الصحي يدر مئات الملايين على المستثمرين الذين لا يهمهم موت العشرات، وإنما يهمهم إثراء شهوتهم في الكسب دون اعتبار لكرامة الآدمية، ولا لعواطف الأم الثكلى والأب المقهور حين يدخل مريضه ماشياً على قدميه ويخرج محمولاً على نقالة!!
لقد أصبح التشخيص عند معظم الأطباء عبارة واحدة: «عملية يا حاج»، فيدفع القادر كل ما يملك لإجراء هذه العملية، التي تنتهي بالمريض أن يقذف في القبر بعد العملية مباشرة، أو بعد شهر أو بعد سنين!
وهناك روايات وقصص تحكى عن هؤلاء القتلة تصلح أن تكون حلقات مسلسل من التراجيديا المضحكة، فلا يدري المرء إن كان هناك ضرورة «لقلع» الزائدة لمريض يشكو من التهاب الحلق، كما لا أعلم إن كان هناك ضرورة «لاجتثاث الرحم» من امرأة شابة جاءت للطبيب تشكو من ألم المفاصل أو الروماتيزم!
قال أحدهم: كدت أضرب الطبيب الذي أسعفت إليه ابني الصغير يتلوى من صداع مزمن، فأمر مساعده على الفور أن يجهز غرفة العمليات لاستخراج حصوات كلى، وأمرني أن أذهب للصندوق لقطع سند العملية! لقد سعدت بصنيع هذا الوزير الناجح طه المتوكل، وزير الصحة، والذي وجه بإغلاق غرف عمليات بعض المشافي التي هي بمثابة أول زيارة لليوم الآخر، ولم يبق إلا أن يتكرم الطبيب فيوصي المريض بكتابة وصيته. ولي صديق عزيز شخّصوا له وجود حصوات كلى، فدخل مشفى شهيراً في العاصمة يقع في مرمى إعلانات أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية. ودعناه وهو يدلف غرفة العمليات، وبعد أن شرّحوه لمدة 8 ساعات خرج من دكان... غير أننا ولمدة ثلاثة... أربعة... خمسة أيام، وجدنا أن نزيف العملية في اطراد. استنجدنا بالأخ المدير الطبيب الذي نشهد أنه على خلق، فقال: لا بد من عملية إزالة ترسبات في الكلى. يعني؟! يعني عملية ثانية! ضغطنا على صاحبنا أن يجري عملية ثانية. تمت العملية. خرج صاحبنا من «الملحمة». يومين... 3 أيام... والنزيف مستمر! عرضنا على الطبيب المدير الحالة، فقال: الحل الوحيد هو استئصال الكلية! قلنا للمدير الطبيب: إما أن تعيد المبلغ الأخير للمريض أو سنجتمع نحن أبناء القرية لتظاهرة فكرتها الأساس «دخل بحصى وخرج بدون كلية»، فاستحى المدير وأعاد المبلغ الأخير، أما الكلية فخرجت ولم تعد!

أترك تعليقاً

التعليقات