فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في كل بلدان العالم (غير بلادنا طبعاً) لا ينطبق قانون خدمة «الشقاة» على العلماء في المجالات النظرية والتطبيقية (60 عاماً)؛ ذلك لأنه كلما زاد عمر العالم زادت خبرته، إلى درجة أن يصبح مُنظّرا في العلوم الإنسانية. ولا يمكن أن يتقدم بلد يقوم بزرع شجرة والعناية بها عناية تامة حتى إذا ما أثمرت ونضج ثمرها قطفها ورماها في الشارع.
هذه القضية نطرحها أمام الوزير الشاب سليم المغلس، وزير الخدمة المدنية والإصلاح الإداري، الذي خصص يوماً من وقته لمقابلة المواطنين، وبكل حماس رأيته يتابع جهازاً كان يلبس سماحة النفاق والرياء اسمه «خدمة الجمهور».
يعني أن الوزير الشاب من مهام عمله إعادة النظر في كل القوانين التي تحتاج إعادة النظر، كالقانون «المفتري» بسن التقاعد في جامعاتنا ومعاهدنا العليا، بل وبعض مؤسسات الدولة هناك كفاءات ممتازة، فينبغي أن تظل عاملة ما دامت تملك الصحة والعافية والشدة على أن تنجز وتبدع، فأستاذ الجامعة، الذي خسرت عليه الدولة عشرات الملايين، لا بد أن يكافأ بالتقدير، فتستشيره إن كان قادراً على مواصلة تدريسه ومحاضراته فأهلاً وسهلاً، وإن كان قد بلغ به الجهد والمشقة مبلغاً فبإمكانه أن يكون أستاذاً مشرفاً على طلاب الماجستير والدكتوراه ليعطي الشباب علماً وخبرة وكفاءة وتوجيها.
إن كثيراً من أساتذة الجامعات الذين أحالهم القانون الأعمى (قانون عمر الستين سنة) سافروا للعمل في الجامعات والمعاهد العليا في الخارج، وكأن هذه البلدان التي هاجر إليها هؤلاء العلماء الأجلاء هي التي قامت بإعدادهم وتأهيلهم، وكأن اليمن مجرد «فقّاسة» لتخريج هذه الأدمغة لتهاجر وحسب، فاليمن أولى من الغير.
إننا نتفهم قضية الستين سنة لـ»الشاقي» الذي لم يعد يستطيع حمل الأثقال؛ ولكن العالم والأكاديمي أمر آخر. في بلاد فيها عشرات الكوادر المؤهلة كمصر تقوم الدولة بتكريم العالم وتتركه ليختار؛ إما أن يستمر في التدريس وإما أن يكتفي بالإشراف على طلاب الدراسات العليا، بعد أن تمنحه السكن ولوازم الحياة الأخرى.
الوزير المخلص سليم المغلس المحترم، لا تترك العمل حتى تصلح هذا الخلل القبيح.

أترك تعليقاً

التعليقات