فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي/ لا ميديا -
سألته: كيف حالك يا دكتور؟
قال منزعجاً وبغضب: «أولاً: الحمد لله على كل حال، ثم ثانياً: لست دكتوراً، الدكتور هو صاحب العمارة. لقد أمضيت 40 عاماً من عمري مكافحاً أطوار الحياة التي كلها فضال قاس، تعب، أواطن تارة وأغترب أخرى، مشرداً عن أهلي، أقنع بقسوة الحياة التي ما سعدت فيها يوماً، أتعلق بالأمل محارباً كل مفردات اليأس والقنوط والخيبة، وبعد عشرات السنين تذكرت حتى وصلت إلى درجة أستاذ وتمكنت من الوظيفة التي شفعت لي أن أستأجر بيتاً شبه دكان فيه غرفة ينام فيها أطفالي كباراً وصغاراً، وغرفة لي وزوجتي ومطعم أكثر ظلمة، وحمام لا يتسع لأكثر من كبش ودجاجتين، ولأتمم الفكرة فلا نور طبيعياً في هذا الدكان المتوسط الحجم، وأضيف أن أبنائي يذاكرون في الشارع، لعدم استطاعتي دفع فواتير كهرباء، وحوش المولدات الكهربائية التي تواطأ مع أصحابها أصحاب المعالي الوزراء، وربما أخذوا نصيبهم من سلخ المواطن المسكين والله أعلم.
أستلم مرتبي أستاذ (بروفيسور) طبعاً نصف صدقة يجود بها أخونا رمضان وشقيقه الحاج ذو الحجة، 45 ألفاً، فأذهب بها للدكتور صاحب العمارة، وكأني درست لصاحب العمارة الذي يسمح لي بتأجيل 30 ألفاً أدفع بها ثمن الكهرباء وللبقالة والروتي والشاي والسكر، وأحاول إقناع زوجتي التي تشترط كلما ذكرتها بالتوسط لدى أخيها يسلفني باصه الدبّاب لأعمل كسائق أن أحلف لها براس ابن علوان وبالحاطم الناقم المنتقم الجبار القهار الماحق ألا أتزوج عليها بعد أن أصير غنياً لتأجيري الدبّاب، واشترطت أن يكون خط السير «الدائري – هايل»، لتتمكن من مراقبتي من غرفة المنزل، التي هي أساساً بدون نافذة، وكلما حلفت لها أكثرت من «الأحلاف»!!
ليس عمي صالح صاحب العمارة هو البروفيسور الوحيد، فهناك المئات بل الألوف.
 وهمس لي محذراً ألا أفشي السر، ذلك أن رؤساء الجامعات لو صدقوا الله ورسوله والمؤمنين لصرفوا المرتبات بشكل كامل، ولكن... ولكن ماذا؟! أكمل الجملة!
الإخوة الأساتذة الدكاترة أصحاب العمارات، لا نريدكم أن تطبقوا القانون الذي وضعتموه أنتم؛ ولكن نوصيكم أن ترفقوا بزملائكم (الدكاترة من صدق) لعلكم ترحمون!

أترك تعليقاً

التعليقات