فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
تأتي المناسبات الدينية في الإسلام لتشكل حوافز تدعو إلى الارتباط بالله وبخلقه على السواء. وهذه خاصية مخصوص بها الدين الإسلامي. هذه الحوافز تعمل على سرعة إيقاظ المسلمون إلى ما غفلوا عنه بين مناسبة وأخرى، باعتبار أن اليقظة ينبغي أن تكون مستمرة على نحو موصول.
وبما أن الإسلام -في حقيقته- لا يعرف الفصل بين الدنيا والآخرة، فإن رمضان حافزٌ مهم لإنجاز ما يلي:
تطهير القلب وتنظيفه وتهيئته لعبادة الصوم الذي قسمه الله بينه وبين عباده قسمين (الصوم لي وأنا أجزي به)، وهنا يتحد الظاهر بالباطن والمادي بالمعنوي، فطهارة القلب ترتبط بتهيئة المكان والزمان للعبادة. ولرمضان عند الإنسان المسلم قيمة عظيمة يحاول المسلمُ أن يمر بمعاودة تجريب من خلال تهويم النفس عن متابعة الملذات والشهوات العابرة والمقيمة، فالصوم يزكي النفس ويهيئها إلى الانصراف عن مادة مبتذلة رخيصة ويرقى بها إلى مجالات أخرى بآفاق مختلفة من السمو والأخلاق واطراح الأنانية وتقديم الآخر على الذات. وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام قد ضرب الأمثال لما يمكن أن يكون وسيلة للدخول إلى الجنة ونيل الأجر والمثوبة كبطاقة دخول إليها، فإنما هو يدعو المسلم إلى قليل من البذل والعطاء هو ختم الدخول إلى جنات عرضها السماوات والأرض.
فـ»اتقوا النار ولو بشق تمرة». وإذا كان هذا الأجر البسيط على خفته يقفل أبواب النيران فكيف بمن يبادر في رمضان فينفق في سبيل الله ابتغاء رضاه، وهو أكبر عند الله من شق تمرة؟!
إن شهر رمضان أكرم الله به كل مسلم، فهو موسم للخير تتضاعف فيه الحسنات وتمحى فيه الذنوب والسيئات. وعندما استقام المسلمُ أمره فإن الله قد عوضه أعماراً كثيرة بليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر، وهذه دعوة حافزة ليستشعر المسلم أهمية الوقت وخطورته. ولا بد من أن يلحظ أن هناك مفهومات كثيرة خاطئة خارجة عن إطار الالتزام بأحكام الدين وآدابه، منها ما يتعلق بالسلوك ومنها ما يتعلق بالاجتهاد، ومن ذلك أن مفهوم رمضان ينصرف إلى أن يقضي المسلم ليله في الأسمار اللاهية ويقضي نهاره بالنوم الثقيل، إذ يضيع عليه كلٌّ من السهر والمنام أداء الصلاة، فشهر رمضان شهر مبادرة يجب على المسلم الاحتفاء بها وإجلال قدرها، ولو أن أحداً دعا الناس ليشهدوا أكياساً من الذهب والفضة قيد طلبهم فهل يتقاعس عن ذلك إلا من لا حظ لهم في الدنيا ولا في الآخرة؟!
نسأل الله أن يجعلنا ممن صام رمضان وأقامه احتساباً لوجهه الكريم.

أترك تعليقاً

التعليقات