فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
كان هناك ما يشبه العرف في المجتمع الجاهلي، وهو أن لكل شاعر من الشعراء "رئياً" من الجن يلهمه الشعر، ليكون الشاعر مجرد ناقل أو واسطة بين الملقي الأصلي وهو الجان والمتلقي.
ولقد كان المجتمع الجاهلي -لا كما يصوره بعض الكابتين -بأنه على قدر من الغفلة- يمتلك من الحس العاطفي والإدراك الشعوري ما جعله يعرف الذكر الحكيم (القرآن الكريم) بأنه شعر وله حلاوة وعليه طلاوة وأسفله مغدق وأعلاه لمثمر ومورق وأنه سحر مبين... ولم يقف دارسو علم النفس في القديم والحديث عند تقديم المبدع على النحو الدقيق مع اختلاف اتجاهاتهم في الدرس النفسي والمدارس النفسية، إلا أنهم -وفي مقارنة لافتة- كادوا يجمعون على أن الشاعر المبدع في مجالات العلوم التطبيقية الأخرى غير طبيعي، له طبيعته الخاصة في التعامل والذوق والمزاج ورؤيته للأشياء والعوالم المختلفة.
إن الشاعر كما هو الإبداع الشعري غير محكوم بقوانين الخارج، وإنما هو محكوم بقوانين ذاتية ورؤيته الخاصة للعوالم المختلفة، إضافة إلى أن المبدع -باختلاف اتجاهاته الإبداعية- ليس محايداً، وإنما يقوم بعملية "تعديل" لما هو كائن وما ينبغي أن يكون، بل هو ذو وظيفة سحرية (تنبؤية)، كما هو المثال: قصيدة "مصطفى" للشاعر عبدالله البردوني، الموافق إبداعها قبل العدوان الكوني الفاجر على اليمن المرحوم. ومن الطريف أن يمنح المفكر ابن خلدون الحرية إلى أبعد مدى للشاعر أن يجعل اللغة تحت تصرفه، له أن يصول ويجول فيها كما يشاء... ولذلك حديث آخر عسى أن يكون قريباً!

أترك تعليقاً

التعليقات