فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا-

قام النظام السابق على قواعد المفارقات (النقيض) لسبب بسيط وهو العجز التام عن تبني سياسة واضحة لإيجاد تنمية وطنية في مجالات الحياة المختلفة.. هذا الأسلوب في القيادة مستمد تماماً من حياة بدائية يسلكها الأطفال العاجزون عن الدفاع عن أنفسهم في المواقف الصعبة، فيكتفون بالتحريش والفتنة.
يستدعي علي عبدالله صالح شيخ قبيلة بعد علمه بوجود مشكل مع شيخ آخر في ذات القبيلة أو خارجها، وبدلاً من السير في الصلح إذا به يذكي من "التحريش"، ولا بأس أن يمد الضعيف بالمال والسلاح، ويمنح القوي مالاً وسلاحاً، ليبدأ اشتعال المشكل باتجاه عنف آخر أشد ضراوة.. وهكذا.. وبذات السلوك يحرش بين القيادات الحزبية، فالناصري ناصريان، والبعث بعثان، والإخوان إخوانان، والسلفي سلفيان، والاشتراكي اشتراكيان.. وهلم جرا.. وأصبح الإخواني يلعن الاشتراكي لأنه كافر ملحد، والاشتراكي يلعن البعثي والناصري لأنهما "شوفينيان"، والسلفي يصدق الاشتراكي بأن الإخوان رجعيون عملاء للنظام السعودي الذي قتل السلفيين وعلى رأسهم محمد بن عبدالله القحطاني (جهيمان).. والسلفيون يلعنون الجميع! أما النظام فيقضي وقته بين (التوجيه: يتم صرف مبلغ.. وسيارة طراز.... وقطعة سلاح عدد....)، وبين "تلفزة" لمشاهدة تأجج المشكل وذروة اشتعاله ورعاية هذا التوهج والاشتعال.. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمل الرئيس الأسبق على "تفريخ" الأحزاب و"تفقيس" القبائل.. ولهذا تؤكد بعض رجالات الجهاز المركزي للتخطيط (وراجعوا اتفاقيات التعاون بين بلادنا وبلدان الخارج) أن ملايين الدولارات جزء منها لإشعال هذه الحرائق وإذكاء سعار هذا التفريخ والتفقيس.. والمفارقة الكبرى أن كثيراً من الدعاوى التي كان يرددها حزب ضد آخر أصبحت تتكشف أمام عيون "العامة" من أبناء الشعب، أما المبصرون المثقفون المطلعون على ما يدور، فإنما زادتهم الأحداث توكيداً، فأصبحت دعوى الإخوان ضد الاشتراكي بأنه عميل لبريطانيا والاستعمار حقيقة، بدليل قائد الحزب وأمينه التقدمي العام في عاصمة مغتصب الجنوب اليمني لندن "يؤدلج" لنجاح الحرب البريطانية، وكيفية "سداد" عدوان التحالف فرع بريطانيا.. واستطاع القوميون إثبات نظرية أن الإخوان عملاء للرجعية والاستعمار والامبريالية والسعودية، بدليل قادة "منابر" الجمعة وخلايا "الأسر" و"جماعات" الأعضاء (المناصرين) و(العاملين) من بعد صلاة الصبح وبعد الظهر حتى "العتمة"، الذين يزاولون عملهم الخياني من عاصمة الوهابية القاتلة المعتدية.. ويصدرون فتاوى القتل "المليوني".. وصدق بعض دعاة السلفيين ضد كثير من القوميين أنهم "مخبرون" جاهزون لدعم ولائهم لهذا "الزعيم" أو غيره بكشوفات رفاقهم مقابل السماح لقياداتهم بمصادرة ملايين الدولارات الخارجية أو مقرر "ما تيسر"، لتستمر كتابة التقارير.. وسلوا المخلافي عن ذلك.
قلنا في مداخلة سابقة إن هذه الحرب الظالمة ضد الشعب اليمني قد كشفت كشمس الظهيرة سوءات كثيرة، ولن تستثني أحداً من أبناء الشعب اليمني، بمن فيهم أبناء شعبنا من أرضنا المحتلة (عسير وجيزان ونجران)، الذين تمتلئ بهم سجون "الخرج" في الرياض و"الثمامة" في "القصيم" و"بحرة" في "جدة"، بتهمة أنهم يساعدون متسللي الجيش واللجان على اقتحام المعسكرات التي تقيم فيها "الجنجويد" و"بلاك ووتر" و"جالعاد" الإسرائيلية على الحدود.. إن الباطل كان زهوقاً.

أترك تعليقاً

التعليقات