فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

في مناسبات ثورية يعرض علينا الإعلام نماذج بطولية رائدة تحكي وتذكر بالجهود الجهادية التي بذلها الأفراد والجماعات في سبيل الثورة على أوضاع التخلف والرجعية، التي والجمود عانت منها -للأسف- شعوبنا العربية دونما استثناء، وبقدر ما عانى منها شعب أو وطن رأى العالم ما بذله من ثمن مقابل إحداث ثورة أو ثورات.
إن الشعب اليمني كان شعباً مقهوراً مقبوراً في التراب والصخور، فلا يمكنه أن يتنفس إلا بقدر الأنين. وعندما يقف القارئ على بعض سطور لإنسان عاش تلك الفترة الغابرة يشعر بالخوف والرهبة، لكأن هذه الأهوال تكاد تجذب نبض قلبه من السطور، فما عاشه الشعب اليمني من تخلف وظلم أسود وجهل أكثر سواداً لم يعشه شعب من شعوب أرض الله الواسعة، مما يجعل أي مطلع يكاد لا يصدق أن شعبنا قد أشعل كثيراً من الشموع التي بدأ نورها يتسلل من بين دياجي الظلماء ليتنفس هواءً نقياً ثورياً يستقيم به نهاره على نحو يمكنه من وضع خطواته ولو خطوات متباطئة ثقيلة... وللأسف فإن المسار مسار مقدمات ثورات توالت لما تزل كثير منها مطمورة يخاف عليها بعض منجزيها ثوار أطال الله أعمارهم فاكتفوا بالصمت إلى حين، وكثير أصيبوا بغرور قاتل، فشعروا بأن عليهم أن ينتهزوا الفرصة لينسبوا -تحت طائل الفقر والجوع- إلى أنفسهم عنتريات فجة من خلال نزيف أحداث صنعها الخيال وليس الواقع. ولعل مؤسسة قد نشأت باسم "مصلحة رعاية المناضلين" أو بأي صيغة أخرى تؤدي هذا المعنى تحفزنا -وأعني الدولة- لرعاية رجال الثورة أو الثورات من باب رد الجميل الواجب شرعاً وعرفاً.
بكل أسف فإن شعبنا أحوج ما يكون للوقوف على البذل السخي بالأنفس، والجود بالنفس أغلى غاية الجود، وهو بذل صدر عن قناعة ورضا، ولذا فإن المراكز التي أنشئت لهذا الهدف النبيل لم تحقق غاية وجودها إلا لماما، فلم تتوافر لها إمكانات التوثيق بل التأهيل، ونخشى أن يسطو تضخيم الذات على حساب الحقيقة، ولعل هذا الصوت يصبح صارخاً ليسمعه الجديرون من الذين ثاروا أو يثورون، فتاريخ ثوراتنا كثير منه لما يزل في الصدور أو بين السطور. والله من وراء القصد.

أترك تعليقاً

التعليقات