وجود وحدود!!
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
لعل الحركة الإسلامية منتصف القرن الماضي تعالت على شعار مفاده صراع وجود لا صراع حدود، بمعنى أننا نحدد موقفنا السياسي مع الكيان الصهيوني؛ لأنه صراع وجودي؛ نكون أو لا نكون، فليست المسألة جغرافية، وإنما هي أبعد من ذلك. وكان هذا الشعار حافزاً لجهاد أكبر ضد الغزو الصهيوني الذي أقبل فيه شذاذ الآفاق اليهود من كل بلدان العالم، وأنجزه وعد وزير الخارجية البريطاني «آرثر بلفور»، الذي لا يملك وأعطى من لا يستحق. وتستمر بريطانيا حتى اللحظة في مد الكيان الصهيوني بكل الدعم المادي والمعنوي، بكل صفاقة ودون أدنى شعور بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية.
كان شعار «صراع وجود لا صراع حدود» ليتعالى على الموضوع المادي، وتعبيراً عن مواصلة الجهاد ضد كيان غاصب محتل، كما يعبر عن أن المسألة ليست آنية يمكن أن تعوض بأرض أخرى، كالذي اقترحه اليهود من أن تكون «الأردن» وطناً بديلاً للفلسطينيين. وبرغم أناقة الشعار وجمال الموسيقى التي يتميز بها فإن الأمة كما يقول معناه تتجاوز القضية المادية المتمثلة في الحرص على أن تكون فلسطين قضية أرض؛ ولكن المسألة مسألة وجود، ليس هناك من خيار آخر، فإما أن نكون هناك عرباً وإما يهوداً.
وربما لأن هذا الشعار فشل العرب في تحقيقه فإنهم أضافوا إليه بعداً آخر، وهو أن الصراع بين العرب والكيان الصهيوني هو في الحقيقة صراع حدود ووجود معاً، وهو شعار يعمل في سبيل تحقيقه كل من العرب واليهود.
لقد دفع هذا الشعار الكيان الصهيوني وحاخاماته إلى أن يحرصوا على ضرورة الالتزام بتعاليم التوراة، كما يقولون، والتي تؤكد آياتها -المحرفة طبعاً- أمرين اثنين:
الأمر الأول: أن فلسطين بالنسبة لليهود أرض الميعاد وبعد الشتات.
الثاني: أن اليهود جنس أرقى من البشر جميعاً، وأن كل شيء عداهم بمن فيهم الخالق عز وجل خدم لهم، ومن هنا يعمل الكيان الصهيوني على أن تكون السامية في مقدمة قوانين الأرض تضمن حقهم الإلهي.

أترك تعليقاً

التعليقات