فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمــد التعــزي / لا ميديا -

ليس من طبيعتنا الشماتة، فنقول قولة راكب في باص حينما سمع راكباً آخر: باركوا لإمارتي صعد إلى الفضاء، يقول: حتى الكلاب صعدت إلى الفضاء. أما أنا فقد وقفت إلى الشامت من ناحية وإلى جانب "الكلاب" من ناحية أخرى. أما مقدار الأموال التي اشترت به الإمارات المتحدة فقريباً يعلن هذا الرقم، وقد يكون هذا المبلغ نصفاً أو فوق النصف ما يقرب أو يبتعد عن المبالغ التي عمر بها بن زايد سجون اغتصاب الرجال من أحرار وحرائر اليمن، ولعلها "المبالغ" التي صرفتها الإمارات لتحميل شجر سقطرى وأحجارها وحيواناتها المستأنسة والمتوحشة.. بكل تأكيد نحن نسعد لصعود عربي إلى الفضاء، يعلم الله ذلك، ولكن أمام هذه الفكرة الفضائية كنا نطمع أن يكون اتجاه الإمارات إلى الأرض أولاً، وهو الاتجاه الصحيح لتنظر في الأولويات، أولويات تنشب من الحاجات الملحة، وهو إنهاء الفقر في بلادها، وإيجاد تنمية حقيقية شاملة، بما في ذلك تعميم البيوت الزجاجية أو الطينية على محدودي الرزق، الذين لا يمتلكون بيوتاً، وبخاصة "البدون" هويات، وهي ظاهرة تشمل كل دول الخليج، وهامش ضروري، فلقد نسي علماء الدين كيف يسمح أمير البلاد صاحب السموم أن يوافق بقلمه على صعود صاحب الفضاء دون أن يعلم اتجاه القبلة.
بقدر فخرنا أن الكلب الأمريكي قد صعد إلى الفضاء قبل فترة طويلة، فإننا نفخر أن مواطناً من الإمارات -بغض النظر عن ملايين الدولارات لقاء هذه الرحلة الفضائية- فإننا نسعد بهذه الرحلة التي بنفس الوقت قد تكون فاتحة بشكل ملحوظ ليصبح مواطننا الإماراتي قادراً على أن يفهم الحضارة فهماً موضوعياً خارج إطار "الشوكولاتة والآيسكريم" الذي يتناوله مع أهل بيته ومواطنيه بشكل يومي، بل نحسب أن هذا المواطن لديه من الطموح ما يجعله فاصلة بين جملتين: بين الارتهان المطلق للأسرة الحاكمة وبين مواطنة منقوصة، بل بين هذه المواطنة التي ترتهن للحاكم وأخرى ترتهن للفعل الإيجابي الذي يعني الحرية والكرامة، أعني أننا نطمع ألا يكون المواطن الإماراتي كما السعودي مرتهناً "كحوش" أو "خلفية" للأسرة الحاكمة، فإننا نود أن يمتنع المواطن السعودي والإماراتي بحريته تتوازى فيها الحرية والاستقلال والكرامة من جميع الوجوه.

أترك تعليقاً

التعليقات