فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

تقوم الأحزاب في العالم على أساس المعارضة لسياسة الحكومات التي ترى المعارضة أنها لا تعمل بشكل ملائم لخدمة الشعب، بل تحاول المعارضة قدر الإمكان أن تجد عيوباً في سبيل الانتقاص من كيان الحكومة هذه أو تلك، طامعة غالباً في إسقاط الحكومة لتسيير الدورة السياسية حكومة ومعارضة في دورة أحياناً تشبه ما يسميه علم المنطق بالتعريف الدائري: الشرق ليس هو الغرب، والجمال ليس هو القبح، والأبيض ليس هو الأسود.
لقد اقتضت الطبيعة أن يظل الإنسان والحيوان في طور انتخاب طبيعي في صيرورة دائمة، فكما وجد الإنسان نفسه في البحث عن طور الكمال بواسطة النقد ذاتياً وموضوعياً، فإن الحيوان يطور ذاته بواسطة القوة، وقد يستعير الإنسان هذا الخلق الجبري من الحيوان فيلوذ بالقوة (أخلاق الديكتاتور)، ولأضرب لذلك مثلاً بالإمام أحمد يحيى حميد الدين (رحمه الله) فلقد وعد شعبه، أيام ولايته للعهد، فلما صار إماماً قريب العهد من ولايته للعهد تنكر لما وعد به، فلقد اتفق جماعة من رواد التغيير أن يذهب لولي العهد السيد زيد الموشكي ليسأله سؤالاً وجيها وهو: لماذا ينقم من الدستور الذي هو بمثابة مصباح يضيء بداية الطريق، وكان اختيار الأحرار للموشكي لسببين اثنين، أما أولهما فما عرف عن الموشكي من شجاعة وجرأة في قول الحق. وأما السبب الثاني فهو أن الموشكي كان أستاذ الإمام في قرية "السر" من أعمال بني حشيش. دخل الأستاذ زيد، على الإمام وقال له: "ما الذي أزعجك من الدستور؟"، فأشار الإمام وقد عقد سبابته اليمنى ببنصره (إشارة احتقار): عثمان وهو عثمان قال: لا أنزع ثوباً ألبسنيه الله، فأجابه الموشكي قائلاً بعبارة مستفزة: "وهل تصبر على نهاية كنهاية عثمان؟!" وانصرف. فأسرها الإمام في نفسه مبدياً بسمة الشماتة، شماتة الآخر بالثأر من عدو حاقد.
قد يجني المجتمع المتقدم ثمرة المعارضة التي تسدد وتقارب، وتحاول أن تكشف ما يمكن أن يكون عائقاً أمام طريق التنمية، أي أن المعارضة الرشيدة تسعى لتكون جهة تقويم وتقييم ليكون المجتمع بعد ذلك شاهداً يعلي من يشاء ويسقط من يشاء عبر صناديق الاقتراع! وليس يدري المرء متى سيبدأ الأمر المعارضة الحقيقية في وطننا العربي وكيف وأين؟!
المعارضة الحقيقية هي برنامج تنموي شامل، أما في اليمن وبلاد العرب الأخرى فهي قبيلة وعصبية جاهلية: "منا أمير ومنكم أمير".. والله المعين.

أترك تعليقاً

التعليقات