فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

إذا كان للحرب نتائج إيجابية، فإن أولى هذه الإيجابيات المراجعة الضرورية للأيديولوجي. لا يعلم أحد من اليمنيين -وأنا أحدهم- أيديولوجيا الأحزاب، وأعني هنا أحد هذه الأحزاب وهو حزب الإصلاح (الإخوان المسلمون) والذي دعا إليه وحرر دستوره وتعاليمه السيد الفضيل الورتلاني، جزائري الجنسية، والمعين من قبل تنظيم الإخوان المسلمين العالمي (على اعتبار أن الإخوان المسلمين دعوة عالمية)، والذي كان عليه أن يكون مسؤولاً للدعوة الإخوانية (فرع اليمن)، وفشل جهده بعد أن صاغ الدستور عام 1948، ورزح أتباعه في سجن حجة، وأعدم الإمام أحمد بعد مقتل أبيه الإمام يحيى بن المنصور محمد حميد الدين، كثيراً من الدستوريين أتباع الورتيلاني.
نقول إن على هذا الحزب الرائد أن يعيد حساباته على المستوى الحركي تنظيمياً وأيديولوجياً، فلم تعد ظروف 1926 (وهو تاريخ نشأة تأسيس الحزب أو التنظيم) وظروف التنظيم مطلع القرن الحادي والعشرين تسمح بذلك.
إن أي حزب أو بالمطلق أي حركة فكرية لا بد أن يقوم دعاتها أو المتحمسون لها بمراجعة سريعة ومهمة في ضوء تطورات الأوضاع والمستجدات العالمية التي توازت إلى حد ما مع التطور العقلي المبشر بتغيير يكون جذرياً مع الرؤية العامة والخاصة للفرد والمجتمع على السواء.
ولقد قلت في مداخلة في مقيل أخوي لأخ عزيز من قادة حزب الإصلاح أعتز بنبله وأخوته، يشغل منصباً قيادياً وشغل منصباً تنفيذياً، ومن خلال مراجعة عابرة كانت مداخلتي أن تنظيم الإخوان على يد المرحوم الإمام حسن البنا، قد انطلق من مدينة الإسماعيلية المصرية سنة 1928، وإذا كانت هذه الدعوة خالصة من أوضار الدنيا وزخرفها، وأخلص الدعوات لها وإليها، فإنه كان بإمكان صخور الأحجار الوثنية في مجاهل أفريقيا الوثنية أن تصبح من أعضاء الإخوان، ومصداق ذلك قول الرسول الكريم قدوتنا في معنى حديثه: "أخوف ما أخاف عليكم الدينا فتنافسوها كما تنافس فيها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم".
أريد القول إن على هذا الحزب أو التنظيم أن يغير خطابه إلى خطاب جديد ينطلق من فهم أن متغيرات قرن جديد غير متغير قديم انطلق في الربع الأول من القرن الماضي، وأن على باقي الأحزاب كالحزب الاشتراكي اليمني أن ينطلق من المنطلق ذاته، منطلق التغيير على المستوى الحركي والأيديولوجي. وأحسب أن الصراع الدموي في إطار هذا الحزب قد حدث نتيجة الخلاف في مفهومين أيديولوجيين: اتجاه ماركسي واتجاه ماوي، صدر كل منهما عن مفهوم متشنج مشفوع بعصبية قبلية أكثر مما هي بحث عما يصلح وما لا يصلح، يسيطر عليه سلطان العادة أكثر مما يسيطر عليه مفهوم جديد ومعاصر.
وليس المقصود بهذه السطور الأحزاب وحسب، وإنما المقصود بذلك الدولة لتقوم بفك الاشتباكات بينها وبين الشعب، فهي علاقة جدلية أبدية ينبغي أن ينظر لها في إطار واقع معاصر.

أترك تعليقاً

التعليقات