أقوى من كل الحروب الإعلامية
- محمد الجوهري الأثنين , 11 أغـسـطـس , 2025 الساعة 1:06:40 AM
- 0 تعليقات
محمد الجوهري / لا ميديا -
مهما حاولت «إسرائيل» تلميع نفسها في الإعلام العربي وغير العربي، ومهما شيطنت القوى الحرة في العالم، فإنها ستظل كياناً شيطانياً ورمزاً للشر، ولذلك فإن أي هجوم يُشنّ ضد كيانها يُعيد الصراع إلى مرحلة الصفر، ما يضطر الصهاينة إلى العمل من جديد من نقطة البداية.
رأينا ذلك جليّاً في اليمن؛ فالعالم لم يكن يعرف عن أنصار الله إلا ما يروّجه إعلام الخونة والمطبعين العرب. ورغم أن روايتهم كانت -وما تزال- مناقضة للحقيقة، وتحمل الكثير من المغالطات؛ إلا أن ذلك كله تبخّر في اليوم الأول لـ»طوفان الأقصى»، وينحسر أكثر وأكثر مع كل هجوم تنفذه القوات اليمنية في البحر أو البر. كذلك تتضاعف شعبية صنعاء والأنصار مع كل مسيرة أسبوعية تنطلق إلى ميدان السبعين.
لا يقتصر الأمر على اليمن؛ فإيران، التي تتعرض لشيطنة إعلامية منذ نصف قرن تقريباً، انتصرت بقوة على هذا التشويه، بمجرد أن أطلقت موجاتها الصاروخية على الكيان في يونيو الماضي، ما أعادها إلى مكانتها الطبيعية التي تستحقها، فالفعل المباشر أقوى من تضليل العدو الإعلامي ولو استمر لعقود.
وبهذا الفعل أيضاً، تحوّلت إيران -في نظر قطاعات واسعة من الشعوب العربية- إلى كيان مقاوم حقيقي، بل إلى منقذ من شر الاحتلال والأنظمة الطاغوتية المرتبطة به، خاصة تلك التي تواطأت مع الكيان في السرّ والعلن، وزيّنت خيانتها بمؤتمرات التطبيع، وصفقات الغاز، واستثمارات «السلام الإبراهيمي». لقد أعادت إيران المعنى الحقيقي لفكرة الدولة الممانعة، لا بالكلام والشعارات، بل بإطلاق الصواريخ على الكيان.
حتى الخونة أنفسهم يمارسون الدور ذاته، ولو لم يصلوا إلى مرحلة القصف والمواجهة المباشرة. فدكتاتور أنقرة الصهيوني، أردوغان، يصطنع انتصارات إعلامية ضد الكيان كلما أراد استعطاف الجماهير داخل تركيا وخارجها، كما رأينا في مؤتمر دافوس 2008، حين افتعل انسحاباً مسرحياً أمام شمعون بيريز، رافعاً صوته باسم «الكرامة». تلك الواقعة التي سوّقتها ماكينة قناة «الجزيرة» القطرية كملحمة تاريخية، وإن كانت في حقيقتها مجرد لقطة علاقات عامة، لم تُترجم إلى أي قطع فعلي للعلاقات التجارية والأمنية مع الكيان.
أما الخونة العرب، وخاصة الأنظمة الخليجية، فهم على النقيض تماماً؛ فرغم ما يمتلكونه من آلة إعلامية ضخمة، ووسائل متعددة لتحسين صورتهم شعبياً، فإن تحالفهم مع الكيان وخيانتهم للقضية الفلسطينية جعلتهم في منزلة شيطانية مريعة، وأكسبتهم مقتاً جماهيرياً بطول البلاد العربية وعرضها. فالكيان لا يجتمع مع الصيت الحسن، ولو أُنفقت أموال الأرض لتبييض سمعته المتردّية.
لذلك فإن هجوم على «إسرائيل» بصاروخ واحد، أو عملية نوعية واحدة، كفيل بأن يهدم آلاف الساعات من الأكاذيب الإعلامية، ويقلب موازين الصورة التي حاول الصهاينة ترويجها عقوداً. فالصوت الخارج من «تل أبيب» تحت القصف أعلى وقعاً من كل أبواق الإعلام المطبع والمأجور. لهذا، فإن كل طلقة تُطلق باتجاه هذا الكيان هي عملية تحرير للوعي، وتفكيك لمنظومة التضليل التي بنتها «الصهيونية» وحلفاؤها لعقود.
المصدر محمد الجوهري
زيارة جميع مقالات: محمد الجوهري