فلسطين معيار التحرر
- محمد الجوهري الثلاثاء , 29 أبـريـل , 2025 الساعة 1:25:29 AM
- 0 تعليقات
محمد الجوهري / لا ميديا -
تحاول وسائل إعلام غربية وعربية تصوير ما يحدث في اليمن على أنه مجرد «نعرة سياسية» أو «تصعيد غير محسوب»، متجاهلة حقيقة راسخة في ضمير اليمنيين: أن إسناد غزة والدفاع عن سكانها المحاصرين هو مطلب شعبي جامع يتخطى الخلافات السياسية والانتماءات الحزبية. في الواقع، إنّ ما يحدث في اليمن من حراك شعبي لنصرة فلسطين يعكس وجدان الشعوب العربية قاطبة، مقابل صمت رسمي لأنظمة خاضعة للهيمنة الأمريكية وتغلف مواقفها بشعارات «حماية المصالح الوطنية».
في المحافظات الواقعة تحت الاحتلال السعودي - الإماراتي، يُمنع اليمنيون من الخروج في مسيرات تضامنية مع غزة، وتُقمع الفعاليات المؤيدة لفلسطين، رغم أنها لا تطالب سوى بأبسط معاني التضامن الإنساني. هذا الواقع دفع الآلاف إلى قطع مسافات طويلة، تصل إلى مئات الكيلومترات، نحو محافظات السيادة الوطنية، فقط للمشاركة في فعالية أو مسيرة شعبية تعبّر عن انتمائهم العربي ورفضهم للصمت والتواطؤ.
إن هذا السلوك العفوي النابع من عمق الوجدان الشعبي يثبت أن اليمنيين، كغيرهم من الأحرار في العالم، لا يمكن أن يغضوا الطرف عن المظلومية المستمرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ عقود. ولولا العراقيل التي تفرضها قوى الاحتلال الداخلي، لكان اليمن من أقصاه إلى أقصاه حاضراً كل أسبوع في فعاليات داعمة لغزة، كما فعل في أكثر من مناسبة طيلة فترة الحرب.
أما مواقف أنصار الله المشرفة فهي ليست وليدة حسابات سياسية، بل هي امتداد طبيعي لانتمائهم إلى صفوف الشعب اليمني، بعيداً عن أجندات الخارج أو المصالح الحزبية. لقد أثبتت الوقائع -وآخرها عملية «طوفان الأقصى»- أن من يدعم فلسطين فعلاً هم الشعوب الحرة وقواها المقاومة، لا الأنظمة التي تسير بتوجيهات غرف القرار في واشنطن و»تل أبيب».
وموقف أنصار الله ليس استثناءً؛ بل ينسجم مع خط المقاومة في لبنان والعراق وإيران، حيث لا يزال العنوان الأهم هو «تحرير فلسطين». وعلى الجانب الآخر، تصطف أنظمة التطبيع والقمْع العربي، المدعومة من الغرب، في طابور الصمت والتبرير، في ظل قصف المستشفيات والمدارس والمساجد في غزة.
ولا عذر لمن يتخاذل عن نصرة غزة، فالخنوع بذريعة الخوف على مصالح المواطنين هو الخيانة والنفاق بذاته، فالشعوب نفسها تطالب بالتدخل ومناصرة غزة، وهي على استعداد لتحمل التكاليف، خاصة وأن عواقب التخاذل كبيرة جداً، وأولها غياب الحرية والخنوع للطواغيت.
لقد بات واضحاً أن الموقف من فلسطين هو البوصلة الحقيقية التي تفرز الأحرار من الخانعين. فبينما تصرخ غزة تحت القصف، تتسابق أنظمة إلى التطبيع، وتفتح أجواءها لرحلات الاحتلال، وتغلقها أمام نداءات الغوث. تلك الأنظمة لم تعد تخشى شعوبها؛ لأنها استبدلت بهم القمع والدعم الغربي. ولهذا فإن واشنطن تحرص على بقائهم؛ لأن سقوطهم يعني عودة الشعوب الحرة إلى المشهد، وتحرير فلسطين سيكون أول خطوة في الطريق.
المصدر محمد الجوهري
زيارة جميع مقالات: محمد الجوهري