فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
كما سمعت أن قتيل المشروع اليمني الحديث القاضي الرئيس إبراهيم محمد الحمدي كان قد عانى أبناء شعبه اليمني من الرشوة، وتأذى إبراهيم الحمدي كأي يمني من هذا الطاعون الذي ما يزال ينهش في الجسد اليمني ويؤدي بدوره إلى سفك الدماء وقطع الرحم. وعرف أن القضاء الفاسد هو مصدر هذا الطاعون، فطلب اجتماعاً للقضاة وقال لهم سؤالاً واضحاً أشد ما يكون الوضوح: يا علماءنا الأجلاء، ما هو السبيل إلى قطع الرشوة؟ وللأسف فإن ملفات كل واحد منكم عندي إلا قليلا من النقط البيضاء في الثور الأسود. علماً أن إبراهيم كان مساعداً لأبيه القاضي محمد الحمدي أيام كان قاضياً في المنطقة الوسطى وذمار.
كان هناك شبه جدل بين القضاة وإبراهيم، إذ أجمع مجادلو إبراهيم بأنه لحل هذا المشكل ينبغي أن ترفع رواتب القضاة «ليستضيئوا الدعوى والإجابة» بعيون بصيرة وقلوب «ذاهنة»، فكان أن تفهم الحمدي الرئيس القاضي منطق القضاة ومفهوم القضاء الذي يحرم إصدار الأحكام وصاحبها جائع أو غاضب، فكان كادر القضاء الذي ضاعف مرتبات القضاة بعد أن توعد إبراهيم مَن يرتشي بعد ذلك وعيداً شديداً، فماذا كان؟ لقد خضع القضاة لعملية تشبه الدولاب الذي يزيد يوماً بعد يوم ولا ينقص، وأصبح القاضي يعلن ضمناً التسعيرة، فالحكم الذي يصدر لمشارع آكل حق أرحامه بعشرين ألف ريال وربط قات وبضعة كيلو لحمة وبعض الملابس، والحكم باستحقاق بطاقة شخصية بخمسة آلاف، وتعميد شهادة زور بخمسة آلاف ريال أيضاً، أما الحكم بإعدام غريم غير قاتل عمد فخمسون ألف ريال، وحكم يصادر حقوق السيادة الوطنية كأن يصبح الأجنبي يمنياً يحصل جوازاً يمنياً عشرون ألف ريال... وهكذا فسد القضاة وفسد القضاء معهم. لقد أعجبتني من جمعة الجامع الكبير خطبة مفتي الجمهورية ابن شرف الدين في تشرين الثاني/ نوفمبر، إذ قال: إن لم يكن هناك ضمير حتى لدى موظف الخدمة العامة، إن لم يكن القرآن الكريم ماثلاً في النفوس، فلن تنفع عشرات المدونات، فالقلوب القاسية لا يشرق فيها الإيمان، لأن على قلوب أقفالها والله المعين.
لقد اغتصبت حقوق بسبب ظلم ما ممن لم يتق الله، وسفكت دماء وانتهكت أعراض بسبب قاض حرّف الكلم عن مواضعه. وأهل الحل والعقد يعلمون المفسد من المصلح. وبلدنا الذي يعاني العدوان الأثيم البغيض يلزم أن يضرب بيد من كل المعادن هؤلاء الفاسدين الدجالين عبدة الرشوة وآكلي السحت الفجرة.

أترك تعليقاً

التعليقات