فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
قامت وتقوم الثورات رافعة شعارات تطمع أن تتحقق فيندفع الثوار يقدمون في سبيل إنجازها الكثير من الدماء، إذ الثائر يعلم يقيناً أنه سيقدم روحه لقاء مبدئه أو شعاره المرفوع الذي هو هدفه، يقدم من أجل ذلك روحه ويبذل نفسه رخيصة، والجود بالنفس أقصى غاية الجود. ولقد يكون داخلاً تغيير بعض القوانين واللوائح الجامدة الحقيرة بعض هذه الدوافع لقيام الثورات بعد أن يتعدها الانتهازيون وأصحاب المصالح الدنيا الذين يتخذون من القوانين واللوائح متاريس أو دروعاً نصوصية حتى إذا ما جاءت الثورة ألغت هذه القوانين واللوائح فعصفت كما عصفت بعبادها الطغاة.
لقد سعدنا بخبر مفاده إعادة النظر في كثير من القوانين التي كانت صالحة في فترة من الفترات ولم تعد صالحة في الفترة الحاضرة. نقول هذا فيما يتعلق بالقوانين واللوائح التي قبل أن نغادر إلى فكرة أخرى، ننبه إلى بعض القوانين أو المراسيم الأخرى كقانون التجنيد والتقاعد والجامعات اليمنية، ففي هذه القوانين كثير من الظلم وغمط الحق، فعلى سبيل المثال أن تقوم هيئة المعاشات والتأمينات بقصف الراتب بمجرد أن يتوفى الجندي أو المدرس أو... أو... وقد كان أحرى أن يُكافأ الجندي أو المعلم بزيادة مرتبه تكريماً واعترافاً بجميله على الأمة كاملة، وليكون الوفاء له قدوة تدفع للسير على خطاه من قبل أبنائه والمجتمع كله.
إن الشعار الذي قد تضعه الثورة قبل إنجازها أو في الأثناء لا بد أن يذاع، لا بد أن يدرس قبل اللهج به أو إذاعته، فلقد يصور هذا الشعار عن حسن نية ثم يكاد لا يتحقق بحكم ظروف موضوعية قاهرة، والشواهد كثيرة، فإذا كانت ثورة 26 أيلول/ سبتمبر خلاصة الثورات اليمنية، فإن مبادئها الستة لم تتحقق على النحو المطلوب، ونحن نخشى على ثورة 21 الأنصارية أن تركس وتنتكس لا سمح الله، بل إن المرء ليخشى أن يذهب بعض شعاراتها أدراج الرياح، إما لغياب مفهوم واضح للمصطلح، وإما لعدم وجود إمكانات مناسبة للتنفيذ، وأعني بهذا المصطلح: الرؤية الوطنية، والذي- وهذه وجهة نظر فضول تعزي- لا يعرفه ليس العامة من أبناء الوطن وحسب، وبل وحتى بعض متصوريه، لقد كان الشهيد المقتول ظلماً المقدم إبراهيم الحمدي 74-77 (رحمه الله) فيما يبدو صاحب "الميثاق الوطني" بعد أن واجه صراعاً حزبياً أدارت رحاه قوى وطنية مختلفة الاتجاهات في ذروة استقطاب مخيف، فلم يكن من علي عبدالله صالح إلَّا أن أضفى عليه بعض "الرتوش" ليكون الميثاق مجرد "نشرة ورقية" لا يحسن قراءتها بعض موظفي الأمية صباح كل خميس تطارد موظفين غائبين الخميس حافظة الدوام الصفراء!
يا سادة، إن أعظم جمهور الشعب، وأنا أحدهم، بحاجة إلى أن تشرحوا هذا الشعار الجميل الجذاب: "الرؤية الوطنية"!

أترك تعليقاً

التعليقات