فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

الجبهة منفكة بين المثقف العربي والسلطة إلى درجة أن يستخف الحاكم بحياة المثقف فيصعقه بالكهرباء أو يغمس وجهه في الماء لدقائق حتى إذا أشرف على الموت أخرج رأسه من الماء... وآخر يوقظه الجلاد من نومه في برد الشتاء ليقذفه في حوض بارد أو ليعلقه من رجليه ويطلق عصاه على جسده المنهك... وفي مصر بحسب روايات من سُجنوا يطلق على المثقف أحد الكلاب المدربة ليأخذ هذا الكلب حظه من جسده المتهم بالانقلاب على من جل جلاله (الحاكم) بأمره، أو يتخذ الجلاد أسلوباً آخر وهو أن يحشر المتهم في غرفة ضيقة لا يستطيع فيها المتآمر على النظام "المقدس" أن يجلس وإنما يضطر أن يقف لأنه لا مكان للجلوس أو القعود، ويضطر المتهم أحياناً أن يقف مستقيماً في هذه الزنزانة وقد غمرت بماء الصرف الصحي حتى يطال الماء ذقنه! واتهم أحد المسجونين أزلام طغاة مصر بأنه يؤتى بزوجة المتهم فيغتصبها السجان أمام زوجها! ولا ندري كيف ومن أين جاء أسلوب تعذيب اليمنيين من قبل احتلال الإمارات الذين يغتصبون الرجال في المحافظات المحرمة/ "المحررة"، بشهادة علي الحسني الذي أكد هذا الفعل القبيح، وهو فعل صنيع أو صناعة أمريكية كما حدث في سجن "أبو غريب" في العراق.
كان سيد قطب في سجنه قد نشر بعض هذه الأفعال بشكل سري في مقالات سرية، مما جعله يوازن بين الجاهلية وعصر جمال عبدالناصر، بل وأصدر حكمه بأن الجاهليين كانوا أكثر رحمة وتحضراً من عهد الفريق الذي أصدر حكم إعدام سيد قطب! ومعلوم أن سيد قطب أصدر القيم "في ظلال القرآن" في زنزانته في سجن طرة. ومحتمل أن يكون تعذيب سيد قد خففه صديقه عبدالناصر، إذ سمح له بالقراءة والكتابة. كان الحكام يحسبون أن المثقف واقع بين خيارين: إما أن يكون بوقا للحاكم وإما عدواً له. وفي الأغلب فإن كثيراً من المثقفين اختاروا أن يرضوا ضمائرهم. كان الإمام أحمد يحيى حميد الدين قد فتح صالوناً فكرياً أدبياً في قصره الذي أطلق عليه اسم "دار الناصر"، فاجتمع لهذا الصالون كثير من رجال اليمن العلماء والأدباء، أمثال أحمد النعمان وأحمد الشامي والحضراني والمطاع والزبيري والموشكي؛ غير أن العلم بفنونه المختلفة يعود بالعلم إلى أصله، فقد وصلت إلى سمع "أحمد يا جناه" أخبار ما يذيع هؤلاء في السر، فانفكت الجبهة بينه وبينهم، إذ صرخ عليهم عصر يوم شاهراً سيفه ليقول: "والله لأروي هذا السيف من دماء العصريين!"، وقد فعل.

أترك تعليقاً

التعليقات