فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
أما الاشتراكيون الشرفاء، أما الإخوانيون الصالحون، أما الناصريون الأحرار، أما البعثيون الأماجد... فرفضوا أن يشاركوا في تدمير الوطن وقتل أبنائه، مع أنهم في مسيس الحاجة للمال، لدفع إيجارات المنازل الصغيرة التي يحشر في الغرفة الواحدة أكثر من ثلاثة أطفال وربما أربعة، بل هم في مسيس الحاجة للعلاج ورسوم المدارس وقيمة خبز بلا إدام وأسوأ!
ما يعانيه أولئك إهمال الحكومة لهم وشماتة الأعداء بهم.
لقد راهن هؤلاء الأحرار على شرفهم الذي لا يؤكلهم عيشاً، وربطوا على بطونهم الجائعة، وصبروا على سخرية أولادهم بين وبنات وأحفاد، فلم يعودوا يجيبون على أسئلتهم الحيرى: هل نحن يا أبتي أقل شأناً من زملائنا أبناء الرفاق؟!
كان بإمكان هؤلاء وقد أفنوا معظم أعمارهم في الخوف والفاقة والرعب وتجاهل حقوقهم الإنسانية وعانت معهم أسرهم (المجحفلة) الإرهاب، ومعاناة تزلزل الجبال، وكان من الضروري أن يداروا حاجاتهم الملحة بعمالاتهم -ولو على الخفيف- للعدوان، حتى أنه بمجرد أن تظهر أسماؤهم مع العدوان لرفعت هذه الأسماء معنويات القتلة أعداء الوطن، ولكنهم أبوا إلا أن يصطفوا مع الوطن ليصبحوا أحراراً معتدّين بوطنهم، معتزين بشرف الانتماء إلى مبادئ بذلوا من أجلها كل غالٍ ونفيس، وعانوا كثيراً من البلاء المبين.
هؤلاء الأحرار ندين لهم، شيوخاً وشباناً ورجالاً ونساءً، بالجُمْل الأكثر نبلاً وفخامة، فاستحقوا أن يكونوا رموزاً تاريخية تسطر في أنقى صفحات الوطنية الفادية المضحية.
ولأن الله قد كتب من عليائه مبدأ "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"، فإن واجب الدولة مكافأة هؤلاء الذين ضحوا ومايزالون يضحون بحاجاتهم الضرورية من طعام وشراب وملبس ومسكن، لتتطابق مبادئهم ووطنيتهم مطابقة مطلقة. فواجب الدولة لا أن توقف شماتة الأعداء بهم وحسب، ولكن أن ترفع عن أسرهم عبء الشعور بخيبة الأمل بالمبادئ المقدسة. وهذا ما نذكر به رجال الدولة وقائد الثورة أيده الله.

أترك تعليقاً

التعليقات