فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

ضرب الله مثلاً بيانات الوزارات السابقة التي ستلحق أو لا تلحق موقعها من التنفيذ. وأكاد أتطرف لأقول: هل يفهم هذا الوزير أو ذاك معنى الوزارة التي كلف بقيادتها وأداء برنامجها؟! وقفت ذات مرة، ومن شاء أن يقف على رأي فقهي للإمام الهمام أحد أعمدة التصوف أبي حامد محمد بن محمد الغزالي (الطوسي) صاحب كتاب "إحياء علوم الدين" وكتاب "بداية الهداية"، مفاد رأيه أن الفقه في الدين يعتمد على الضرورة والمسامحة، فتعلم فريضة الزكاة يكون ضرورة شرعية واجبة التعلم والأداء عندما يكون المزكى عليه قد بلغ النصاب، من ذهب أو فضة أو حيوان أو زرع أو ثمار، وكذلك إذا حصلت وتهيأت شروط وظروف أداء الفريضة، فريضة الحج، وهي الركن الخامس من أركان الإسلام، فيصبح تعلم هذه الفريضة، من واجبات وسنن ومباحات ومكروهات، أمراً واجباً. ولا تثريب على المسلم إذا لم يتعلم هذه الأركان، فلا زكاة إلا على من عنده مال، ولا حج إلا على من توافرت له ممكنات الحج... ومناسبة تعيين هذه الوزارة أو غير الوزارة، كأمين العاصمة أو ما يقوم مقام الوزارة أو تسميات أخرى ابتدعت مسميات على شاكلتها: وزير دولة أو عنوان آخر (مستشار) أو سفير أو فخامته أو جلالته... فمؤدى فتوى أبي حامد، وفي اختصار شديد، أن أي عبادة لا يلزم صاحبها معرفة فرائضها وواجباتها إلا إذا توافرت شروط أدائها، وإلا أصبح العلم بها على التوسع، والمعرفة بها ينطبق عليها قاعدة: "معرفة الشيء خير من جهله". وقد تحدث أحد رؤساء الجمهورية مع الأستاذ البردوني: أريد أن أعينك وزيراً في الوزارة القادمة. فضحك الأستاذ وقال: يا فخامة الرئيس، المشكلة ليست هنا، وإنما المشكلة في التسمية، فهل سأُسَمَّى وزير العميان؟! أو سأكون وزير العمى؟! فخليني على عمائي أحسن وأشكل!...
كل هذا اللف والدوران لأقول شئياً، وهو: ما سبب إخفاق وزاراتنا في القديم والحديث؟! والجواب ليس صعباً، فما على الوزير الجديد إلا أن يدخل يده في مكتبه "ليمشع" بيان سلفه ثم يبدأ اجتماعاً وراء اجتماع مع رقيب وعتيد، أعني مدير الشؤون المالية والإدارية وغيره، ليعرف المدخل والمخرج، لسبب بسيط، هو كيف يسرق، وهو يريد أن يتعلم فن السرقة في هذه الوزارة، لأن لكل وزارة آلية تختلف عن آليات الوزارات الأخرى، ومعظم الوزراء لم يعودوا عاجزين عن فهم طبيعة السرقة في أي وزارة من وزارة أخرى، فهم أصحاب خبرة بعد أن حفظوا عن ظهر قلب كتاب "كيف تسرق بدون معلم"، وهم كثيرون أبناء مهرة!!

أترك تعليقاً

التعليقات