فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

حرب العدوان على اليمن كشفت سوآت كثيرة ما كان لها أن تظهر لولا الحرب. كثير من التقدميين كانوا -طيلة عمرهم- ينادون بضرورة تحقيق شعارات رفعوها لإنقاذ المجتمع من الفقر والجهل والخرافة... والرجعيون رأوا أن التقدم الحقيقي هو التمسك بتعاليم الإسلام فهو المنقذ من الضلال، والتمسك بتقاليد الآباء والأجداد هو الملاذ من الانحدار نحو هاوية الانحلال والسقوط في وديان جهنم الحمراء.
حقاً لقد حدثت حروب بينية في الشمال والجنوب، أي بين أبناء الوطن اليمني الواحد. وكان تسعير الحرب من قبل شماليين ادعوا أنه لا بد من البطش بالكفر والكفار الجنوبيين الذين داسوا القرآن وتعاليم الإسلام بأحذية الشيوعية والإلحاد. أما الطرف الثاني فكان ينادي بالإجهاز على الرجعية والاستعمار وهما سبب التخلف المتفشي في الشمال، وهو تخلف ينتشر بدوافع استعمارية من قبل أذناب الرجعية التي تقودها الأسرة المالكة السعودية والأسر الخليجية التي تتوارث الحكم أباً عن جد لتكون مجتمعات للسخرة، وازدهارا تتغول فيها أسباب تجمع الشغيلة الكادحة والعبودية المقيتة التي تعمد هذه الأسر الحاكمة لاستعبادها وسلب حرياتها لتكون بمثابة رقيق ليس أكثر تتناسل لخدمة الطبقة البرجوازية... وبعبارة أخرى كانت الحروب التي تنشأ بين الشمال والحبوب لا تملك إمداداتها إلا من هذا السبيل، بل من هذا البحر ذي الضفتين المتقابلتين: الكفر والإسلام، ولكل ضفة منهما أصلاء ووكلاء يعتلون منابر ومايكرفونات، ومتحمسون ومتمصلحون، بينما تظل الكعبة والكرملين بعيدين عن فهمها وتفسيريهما، وإن كان "السَّدنة" وحدهم الذين يتجشؤون الفتات أو ما بقي منه. وهناك عبارة أصبحت لكثرة استخدامها مثلاً شائعاً، وهي : اكذب واكذب حتى يصدقك الآخرون. ومثل آخر يضرب للذي يستميت الكذب ليصبح حقيقة: "سارق مبهرر"، يعني سارق وقح.
نقول إن الحرب الحالية والتي دشنها "السبلة" الجبير من اسطبل البنتاجون كشفت حقائقها، بل كشفت أكثر من وجه حقيقي كان خافياً إلى حد كبير، وحقق، وضوحاً كان غائماً لكثرة "التدليس" و"التهويس"، وسقطت كثير من المفهومات في مزبلة التاريخ، فأصبح منبر المسجد يذيع الضلال، وإلا فما معنى أن يستنجد اليدومي بالعدوان قائلاً: لا تدعونا في منتصف الطريق ليحر ما بقي من عمران من بشر وحجر، ولتصبح لندن ملاذاً للرفيق ياسين نعمان... والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات