دكتوراه
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في مدينة يمنية محتلة، رأى صديقي أن هناك إقبالاً غير محدود على دراسة الماجستير والدكتوراه، خاصة في مجال الشريعة والقانون، ورأى أن عدداً من الطلاب لا علاقة لهم بالبحث العلمي، بدليل أنهم لا يعرفون منهج البحث العلمي ولا خطواته، وإنما هي مسألة أن يشرف الأستاذ على الطالب ليوفيه أجره بغير حساب (مشكلة فقر ليس غير)، فالأستاذ حريص على أن يشرف على الطالب ليحصل مقابل إشراف.
لسنا ضد طموح الطالب لأن يحصل على شهادة، فهذا مكسب ممتاز لليمن واليمنيين معاً؛ ولكننا ضد هذا التسلق السريع والوجبة السريعة؛ غير أن أننا نخاف أن نصبح في المستقبل القريب مجرد مزورين ونحمل ألقاباً لا نستحقها. ولست أدري هل أقول جزءاً من الحقيقة بأن في ظل الفقر أن الأستاذ يكتب بنفسه فصولاً من هذا البحث أو ذاك ليحصل على ما يسد رمقه في ظل أوضاع الفقر السيئ الذي أملته الحرب!
في إحدى زياراتي لتركيا، قابلت عميداً في كلية الآداب في إسطنبول. ذهب السيد الفاضل العميد يعدد لي نشاطات العمادة في مجال اللغة العربية، فقال مبتهجاً: إن عندي طلاباً يحققون أمهات القصائد في مدح الرسول الكريم، آخرها تحقيق قصيدة «البردة» للإمام البوصيري (بالمناسبة، البوصيري نسبة إلى قرية في مصر اسمها «بوصيرة»)، وهي القصيدة التي تقطر عذوبة وجمالاً، ومطلعها:
«أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
مزجتَ دمعاً جرى مِن مقلةٍ بدمِ»!
هذه القصيدة التي عارضها شاعر العروبة أحمد شوقي بقوله:
«ريم على القاع بين البان والعَلَمِ
أحلَّ سفكَ دمي في الأشهر الحُرُمِ»!
ولم أستغرب هذا الزهو والفخر الذي نفش أسارير الدكتور والعميد؛ ولكن ما أستغربه أن القصيدة لا يمكن أن تقول شيئاً علمياً ذا بال. وهنا جامعة وطنية منحت طالبة درجة الماجستير في قصيدة للأستاذ البردوني رحمه الله (نعم، قصيدة واحدة)!
هزلت ورب الكعبة!
فأين وزارة التعليم العالي يا قوم؟!

أترك تعليقاً

التعليقات