سفاهة
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
السفه في لغى العرب: خفة العقل، موازاة بالجنون. في خمسينيات القرن الماضي أثار سفيه الرأي العام العالمي، طبعاً سفيه عربي اشترى سيارة «رولز ويز» وسيلة مواصلاته في لندن، وبعد فترة قصيرة وصلته هذه السيارة الفارهة إلى آخر مطار «جاتويك»، وبينما مد سائق السيارة يده مصافحاً هذا السفيه العربي، إذا بهذا السائق يمد يده للمصافحة، ولكن ليتسلم مفتاح السيارة «السويس» ليقول له: يا سيدي، أين أضع السيارة؟! فقال السفيه العربي: «إنها لك» (It,s for you)؛ فبهت السائق وتساءل: ماذا تقول يا سيدي؟! فكرر السفيه الجواب بإضافة كلمة يا أحمق: (It,s for you silly)، ومحتمل أن السائق -وقد أصبح رميماً- لم يصدق نفسه حتى الآن!
كرم عربي أصيل خامته السفاهة الأصيلة. كانت أجرة السائق خمسة جنيهات استرلينية، ويطعم ويشرب ويسكر على جيب «السفيه» العربي. وقد أجرت إحدى صحف بريطانيا مقابلة مع السائق الذي ناله هذا الكرم غير المتوقع، فما زاد على أن قال إن مستخدمه كان طيباً جداً لدرجة أنه كان يدخل مع صديقة «طرية» (Fresh) متجر «هارودز» ويدعها تختار أجمل عقد وسوار، ويطلب إليها صديقه الـ«فرِش» أن تكتب الرقم على الشيك ويوقع أو يوقع عنه السائق أو الصديقة الـ«فرش»؛ لأنه لا يجيد حتى توقيع اسمه!
هناك قصة مشابهة لسفيه عربي أهدى فيللته لخادمه العجوز في ضاحية «ماربورج» الألمانية. أما القصة الأكثر(Fresh) فهي صنيع حمد «ولد موزة» عندما أهدى باسم «دولة قطر» الفيحاء طيارة «جامبو حيث»، المسماة «الطائرة البيت»، لجابي الجزية الأمريكية دونالد ترامب، وسميت الطائرة البيت (Home)؛ لأن فيها مسبحاً وسينما وخمس غرف نوم ومحطة أقمار صناعية
وقال سفيه موالٍ لـ«إمبراطورية قطر» إن من حق حمد بن موزة أن يهدي هذه الهدية، فهي من مال أبيه وليست من مال أحد من العالمين، ومن حق حمد أن يتصرف بماله كيفما يشاء ويريد!
وسأل آخر: ليس من حق أحد أن يعترض، فسمو الأمير كامل الأهلية ليتصرف بماله، مادام لم يثبت أحد أن سموه قد وهب مال غيره و... و...
وسأل أحدهم: ألا يوجد شعب قطري يعترض على هذه السفاهة «الفرِش»؟! ويقول: ليس من حق حمد ولا من حق أمه أو أبيه أن يتصرف هذا التصرف الأرعن.
إن المليارات والريالات والفلسات ملك للشعب القطري، ومن حق الشعب القطري وحده أن يحاسب ويسأل. وهنا انبرى أحد عقلاء المجانين: وهل هناك شعب قطري؟!
كنا ننتظر من عضو، أي عضو في جماعة حزب الإصلاح الذي تموله «قارة قطر»، أن يقوم خطيباً ليقرأ قول الله الكريم في كتابه المبين: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما»، وهو أمر قرآني قدوسي ليس فيه أي فراغ للتأويل ولا منزع للاختراع والافتراء، يأمر الله جماعة المؤمنين بضمير الجمع «ولا تؤتوا»، بمعنى أن الأمة جميعها هي المعنية بالمنع، منع أن تؤتى أموال الأمة للسفهاء المجانين من أصحاب القرار ليعيثوا فساداً بهذا المال الذي هو ملك للأمة المسلمة المؤمنة في كل الأرض المسلمة، بدءا من الباكستان وانتهاء بطنجة المغربية.
عقول أضلها باريها، فإذا كان هذا العبث بمال المسلمين على هذا النحو فإنه عبث بعقل الأمة، وسخرية من مزاجها الفاسد وفكرها الجامد الخبيل الدخيل.
قطر وما أدراك ما قطر! ألهذا الحد ليس فيها رجل رشيد يغير هذا المنكر؟! إنه الشعب القطري وليس شعب عدن والمكلا الجدير -كبقية محافظات الصومال واليمن- بهذه المليارات. إن العالم كله يسأل أمراء قطر: «ما لكم كيف تحكمون؟!».

أترك تعليقاً

التعليقات