فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

هناك علاقات ود تصل حد إبراز جنس أدبي (طراز النثر)، وقد أصبحت هذه الأنثار متجاوزة جغرافيا في معظم أرجاء الوطن العربي. ولعل منطقتين في اليمن تتبادلان السخرية الضاحكة أو الضحك الساخر، هاتان المنطقتان هما ذمار وصنعاء، فالصنعاني إذا سخر من الذماري فإن على الصنعاني أن يتحمل مسؤولية كاملة ليتلقى قذائف مصلية يوجهها الذماري، وتنتشر بين عامة اليمنيين يتداولها العامة وبخاصة تعني: "لانت من صنعاء فأنا من ذمار"، أو "ذماري بصنعانيين"، وصاحب ذمار في هذا العنوان أشد وتيرة وأسرع بداهة وأوجع فكرة من الصنعاني، وصاحب جبلة أظهر سخرية من صاحب يريم... والمرحوم عبدالله بن يحيى السلال أول رئيس جمهورية يمنية كان شهيراً بالنكتة، ويقول أحدهم إنه عند زيارته لمدينة جبلة تظاهر أهل هذه المدينة وهم يستقبلون المشير السلال أنهم كانوا يصرخون "نشتي ميناء يا سلال"، فقال السلال: "هاتوا البحر وعليَّ الميناء"، ومن منطقة جبلة- إب يتبادل أهل ذمار مع يريم السخرية. وقد اشتهر أهل يريم -وفق رواية ذمار- بالسهر في رمضان ليلاً والنوم نهاراً أو أنهم مشهورون بالخوف من نباح الكلاب، فكان من أهل ذمار أن تبرع صاحب سيارة مكشوفة فملأها كلاباً في شروق يوم رمضاني مشمس ثم أطلق الكلاب في يريم، وبدورها تلاقت كلاب ذمار مع كلاب يريم فدوى فضاء يريم بنباح الكلاب، مما أزعج أهل يريم فلم يناموا لأيام متتالية! ولعل هذه السخرية أصبحت أو لعلها تصلح مدار دراسات عليا ضمن دراسات في الانثربولوجيا. ولأستاذنا الباحث الجامع د. شوقي ضيف، رحمه الله، كتيب ظريف عنوانه "النكتة المصرية". ويروى والعهدة على الراوي أن أحد المراجعين على درجة ترقية كان منتظراً مع كثير من المراجعين في غرفة استقبال مكتب القاضي عبدالرحمن الإرياني، رئيس المجلس الجمهوري، فإذا كل واحد يذكر اسمه مقروناً بلقب شيخ قبيلة كذا أو عامل منطقة كذا... أما صاحبنا فوضع لقبه "شيخ الله"، فقال الرئيس ادعوا شيخ الله أولاً، فقال له الرئيس: لما سميت نفسك شيخ الله؟! فأجاب: يا فخامة الرئيس، إن كل واحد قدم نفسه بأنه شيخ كذا وعامل منطقة كذا، فلم أجد إلا الله لأتمشيخ عليه، وكثير من الذين قدموا لمقابلتكم جمهوريين يصبحون جمهوريين ويبيتوا ملكيين... وما أشبه الليلة بالبارحة!

أترك تعليقاً

التعليقات