فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

حتى الآن لا يعرف الجيل الطالع من أبناء اليمن غير السعيد مسارات التغييرات التي كانت تهدف إلى إحداث حراك ثوري يحاول إدماج اليمن في إطار العالم العربي الذي بدأت تباشير ثوراته تطلعنا نحن أبناء الوطن العربي على عالم متغير وبخاصة ثورة فرنسا 1830، تلك التي أطاحت بالملك الفرنسي شارل العاشر ليحتذيها ثوار وثورات، إلا أنه وحتى في فرنسا ظلت حركة التغيير تسير في عملية تجريب مستمرة. ولا نريد أن نؤرخ لهذه الثورة أو الثورات فليس المجال مناسباً هنا للتاريخ وإنما إشارات نحاول بها أن نستقطب لم شمل جهود الباحثين للحديث عن رصد موضوعي وأمين للبداية والوسط والخاتمة، والتي مرت بها الثورة اليمنية التي بدأت بالأنين وانتهت بالتفجير المدوي الذي مثلته ثورة سبتمبر 1962، والتي حاولت أن تغير مجرى التاريخ في المنطقة، على الأقل في شبه الجزيرة العربية. ولئن كانت هذه الثورة حتى اللحظة تعيش في تجاذبات فإن معظم ما كتبه المذكراتيون عن أسبابها ودوافعها يتسم بفوضى لا حصر لها يسودها حضور الذات لتمثل في بعد واحد هو هذا الحضور الصادر عن مكافأة يطمع هذا الثأر في أن تحقق له الثورة التي فجرها استقراراً معيشياً لأولاده وعائلته التي تحاصره في سؤال: ماذا عملت لك الثورة؟!
إن مذكرات جزيلان وسنان أبو لحوم والرحومي والعزي والسنيدار وعبدالله بن حسين الأحمر وأحمد عفيف ومحسن العيني، من وجهة نظر خاصة، ليست -بالرغم من أهميتها- ليست إلا إجابة تجد حيزاً من منطق على السؤال الذي أصبح يتمدد في أذهان أسر وعائلات المناضلين أحياء وأمواتاً: ماذا عملت لك الثورة يا سيدي الوالد المناضل الثائر وأحد أو أكثر من واحد لا يملك سداد قسط المدرسة أو مدارس تقوم وبأسرع ما يمكن في محو أنبل هدف وهو المعرفة التي خطها أول سطر في ميثاق الثورة اليمنية الأم والجدة والخالة والعم: "حق التعليم المجاني للجميع"؟! ويكاد المناضل والثائر والشهيد أن تطفر عيناه بالدم وليس بالدمع وحسب حين لا يستطيع أن يجد إجابة منطقية على السؤال الصادر عن منطق مقنع: ماذا عملت لك الثورة؟!
لقد تحمس بعض ثوار فأرادوا أن يوجد مركز يوثق لحركة أحداث جرت في الواقع اليمني وإن كانت الدولة محاولة غير ناجحة وبدافع شخصي فإن الشرط المسكوت عليه أن يكون هذا المركز أو ذاك حافلاً بنضال رئيس هو القائد أو الزعيم الذي ليس له من الرصيد الوطني إلا رصيد مرقم بالدولار الأمريكي أو الجنيه البريطاني أو اليورو الأوروبي.
إن الجيل المعيش أو أجيال سبقته أو أجيال سبقته بمسيس الحاجة لمركز يستطيع أن يوحد هذه المذكرات احتراماً للعقول والمشاعر، لأن أي ثورة لا تقوم على كتف شخص واحد.

أترك تعليقاً

التعليقات