فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
على أبواب عيد الأضحى المبارك يجد الفقراء -وهم غالبية الشعب اليمني- أنفسهم على أبواب جهنم الغلاء التي تفغر فاها لابتلاع كل بسمة أمل. وقد كان موقف صديق لي شغل وزارة في فترة من الفترات كثيرا من الحرج عندما مررت بدكان للملابس البالية يخلع كوتاً ويلبس آخر، فحاولت أن أداري وجهي كي لا يراني فيشعر بكثير من الحرج.
حكيت ذلك لصديقنا الذي يعرفه جيدا، فقال إن هذا الرجل من أهل الله، فهو الوحيد الذي لم يركب سيارة وزارته ولم يبن قصرا أو ديمة، وحكى لي قصة عجيبة أنه طلق امرأته لأنها أخرجت لسانها في وجهه متهمة إياه بأنه أفقر وزير و"ما ينفعش" لا ندري على وجه التحديد لمن نحكي هذه القصة ولمن نصف هذه الحالة، فالغلاء بالإضافة إلى العدوان المستمر على شعبنا ريفاً وحضراً ينال من الفقراء بشراسة لا نظير لها بين الأمم، فعادة تتدخل الحكومات في البلدان الفقيرة فتحد من شراسة هذا الوحش (الغلاء) وتضع معالجات مقبولة، لكن حكوماتنا بما فيها حكومة الترف من ناحية وحكومة الإنقاذ من ناحية أخرى لا تعير الفقراء اهتماما. وقد يكون مثلا ساذجا ومبتذلا عندما نصف الوزير هذا وذاك بأنه يطابق شخصية "ماري انطوانيت" التي نصحت أحد وزرائها الذي شكا لها أن الشعب لا يجد رغيف خبز، نصحته أن يوجه الشعب بأن يأكل "الجاتوه" بدلا عن الرغيف.
لتنكسر الأقلام التي لا تعيش حياة الشعب الفقير وتعبر عن إرادته وتجاهد في سبيل حقوقه! وتعس هذا المسؤول وذاك الذي يلهيه بطنه المنتفخ وأسارير وجهه التي تطفح بعرق الطعام والشراب المترف، يلهيه ذلك كله عن بطون الفقراء التي تكاد تلتصق بأعمدتها الفقرية، بطون مخمصة بفعل الجوع!
إن الفقراء تكاد تخفت أصواتهم شحوبا من الفاقة وتكاد لا تراهم لنحافة أجسادهم وجفاف أعينهم من الدموع التي سكبت سيالة تشكو الفاقة والعوز، ولا ندري ما هي المعالجات التي ينبغي على الحكومة أن تدخل فيها حاسمة الفرق بين الذي يتجشأ من الشبع ومن يطوي أمعاءه من الفقر. لقد نعلم أنه ليحزن أي ضمير شريف مثل هذه الحالات التي تذكرنا بها مناسبات سعيدة ماثلة في الأعياد والمناسبات الدينية، ولا نعرف شعور الجشعين من التجار الفجار الذين لا يحسون بمشاعر الطفولة التي لا تفرح بالعيد ولا بلبس جديد! إننا نشارف على مناسبة عيد الأضحى المبارك الذي هو رمز للتضحية ومثال للإيثار، فنذكر الذين يملكون الثروة بضرورة متابعة الضمير ليصحو على حالة ينبغي أن يكون عليها فيفرح الصغير بملابس العيد ويدخل السرور على الكبير بما تيسر من الطعام الذي اعتاد عليه الناس في مثل هذه المناسبات السعيدة.
إن عيد الأضحى ليس عيد اللحم الذي يعتقده كثير من أبناء شعبنا الفقير، غير أننا نشير إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام -وعنه نأخذ الشريعة وآدابها- أنه قد سن أن توزع الأضحية بين ثلاث فئات لكل فئة ثلث الأضحية، فالمضحي له ثلث، والثلث للفقير، والثلث للهدية، ليتكافأ الناس فرحا وحبورا بهذه المناسبة.
وهناك ملاحظة ينبغي إذاعتها الآن، وهي أن الدولة حرمت ذبح الإناث من الحيوان استذرارا لثروة حيوانية ملائمة، وهنا نناشد الجهات المسؤولة إخطار الجزارين بضرورة منعهم من ذبح أمهات الحيوان وينذر بالعقاب الصارم من يقوم بذبح أنثى الحيوان والصغار منه. والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات