أنفاس يمانية
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
في هذا الشهر (رجب) دخل أهل اليمن في هذا الدين، الذي اسمه الإسلام، والإسلام في اشتقاقه اللغوي يعني الاستسلام، بمعنى أن هناك فروضاً وواجبات يستغلها الإنسان بطبعه، ولكن ينبغي أن يقوم بها المسلم ويؤديها حسبما تمليه هذه الفروض والواجبات، فلكل فروض شروط ينبغي مراعاتها على الوجه الأكمل، فهناك خمس صلوات لها أزمنة محددة وشروط خاصة وأفعال خاصة، والإنسان قد يكره بل قد يبغض أن يظل بلا طعام أو شراب أو أن يلتزم بأداء أفعال أخرى تلزم من الصائم أن يفعل، ككان لا يمس زوجته ولا يعاشرها؛ غير أن المسلم لا بد أن يؤديها، أو قل مثل ذلك، فالإنسان يكره أن يمنح ماله بدون مقابل؛ غير أن الزكاة بشروط خاصة تلزم هذا الداخل في هذا الدين الجديد أن يؤديها، وقل ذلك في بقية أركان الإسلام، فالإسلام يعني أن تستسلم لما لا يكون فيه رضا نفسي عن بعض الأحكام، مما تهواه النفس التي فطرت على الحرية المطلقة وعدم العبودية لحكم قسري.
دين (رجب) اليمن جاء للأمر بكل معروف حميد كريم ونهي عن كل منكر، يأمر بالعدل والإحسان وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، ويعلي مكارم الأخلاق، يأمر بالعدل إذ تتوزع الثروات بين الأمة فلا تفرقة طائفية ولا حزبية ولا عنصرية أو قبلية. دين يأمر بإنصاف المرأة باعتبارها ذات رحم وقرابة عاطفية. دين يأمر أن يكون الحاكم عالماً عادلاً يسوي بين رعاياه كما لو كانوا أسرته والأقربين إليه.
دين (رجب) اليمن يحض على عدم التفرقة والتكالب على المناصب واقتسام المغانم، لأنها حق المسلمين جميعاً، وتقدم الكفاءة على المحسوبية والعشائرية.
دين رجب اليمن أهلاً وسهلاً بك يا خير تذكار للأنصار وأبناء الأنصار وأبناء الأنصار، والحمد لله رب العالمين.
حديث صحيح: «نَفَسُ الرحمن من قبل اليمن». وتتسع المديات ليكون هذا التكريم السماوي وساماً لهذا البلد الذي مدحه الله في قوله: «بلدة طيبة ورب غفور»!
نفخ الله هذا النَّفَس من روحه ليكون تنفيسَ كربة عن هذه الأمة التي آن لها أن تتنفس هذا الأكسجين الرباني الروحاني (رئة) اليمانين، فتحيا به أجساد الخلق بشراً أو سعادة غامرة.
نَفَس الرحمن يعبر آفاق الكون بين هداية «رجب» الحرام المعظم بين يدي رسالة الرحمن المهداة والنعمة المسداة، حيث يطرح العباد «الشعرى» و»مناة» الثالثة الأخرى، ليعبدوا الله وحده الإله الواحد الحي القيوم لا شريك له.
في أول الأمر توحيد للجزيرة العربية، وأوسط الأمر نبذ للوثنية، وآخر الأمر فتح مبارك وجهاد قيومي لتحرير أوروبا وما جاورها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
يتنفس كل إنسان نَفَس الرحمن فتمتلئ رئته إيماناً وحقيقة توحيد. ليس الأمر مجرد وسام يفرح به اليمانون وحق لهم أن يفرحوا، وبذلك فليفرحوا وحسب، ولكنها شهادة السماء لهذا الشعب المجاهد العظيم، ولما تزل البشرية قاطبة تستروح هذا النفس السماوي البارد «المفوج» من جبال اليمن حتى آخر «البرانس» في مخاليف الأندلس وحارات فرنسا.
جاء أهل اليمن ومعهم نَفَسُ الرحمن بأفواج العبير وإشراقات النسيم فتتسع الرؤية وتعم الرحمة، رحمة سيد العالمين، لكل ما له حياة، حتى الحجر والشجر، فحق لليمانين الابتهاج بهذه النعمة التي تبعث في كل يمني شعوراً بالسعادة المغتبطة بتكاليف السماء للأمة اليمنية بأن يدخل الناس في دين الله أفواجا، فيسبح اليمانون بحمد ربهم ويستغفرونه إنه كان توابا.

أترك تعليقاً

التعليقات