فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
الديمقراطية شرط أول لقيام دولة مؤسسية ناهضة، وهي الضمانة الأكثر فاعلية لمسار أي تغيير حقيقي.
لقد جربت كثير من شعوب الأرض آليات كثيرة للتقدم واللحاق بزمن تتسارع خطاه نحو الأفضل، فتكسرت أحلامهم وخابت أمنياتهم، حينما ركنوا إلى نظريات براقة وشعارات جذابة ذات رنين وأطرحوا الديمقراطية جانباً فلم تغن عنهم نظرياتهم شيئاً، وتفوه أحد رفاق الحزب الشيوعي السوفييتي في أحد مؤتمرات الحزب قائلاً إن من الصعب جداً أن يمضي الحزب في طريق توجهه الديمقراطية، إن هذا الطريق يشبه عبادة الأصنام، فلا بد للحزب الذي ينبغي أن يتقدم أن يسلك طريق الديمقراطية، فهو الطريق الوحيد ليستمر حزبنا رائداً. وعندما قام الرئيس جمال عبدالناصر بزيارة مصانع حلوان وانتقد سير العمل هناك، قام أحد العاملين الصغار قائلاً: "يا سيادة الريّس، إننا لا نستطيع أن نتقدم في الإنتاج، لأن لدينا توجيهات شفوية بذلك (أي بعدم التشغيل)"، فقام عبدالناصر بعقد اجتماع عاجل بالاختصاصيين، واتضح له أن المدير متعاقد مع بعض مراكز القوى الذي اتجه لتغطية الطلب من إحدى الدول الأجنبية، فأحاله عبدالناصر إلى لجنة تحقيق رأت بعد التحقيق عزله!
وفي يمننا الكثير من هذه العينة، ولو ضمنوا عدم معاقبتهم لقالوا أشياء كثيرة عن رؤسائهم المفسدين العابثين، وأول هؤلاء الصامتين مدراء الشؤون المالية في كثير من المؤسسات، فإن كثيراً منهم ييسر الفساد ويسهله لرؤسائه الذين يتوسمون فيه الحماية، فيدلهم على المداخل والمخارج، ثم لا يكون أمرهم عليهم غمة لتركن الملفات إلى أخواتها القابعة في دهاليز مركز الرقابة والمحاسبة أو النيابة العامة... ولا عزاء للمصلحين!

أترك تعليقاً

التعليقات