فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
أحياناً، بل دائماً، يحتاج المحارب -وبالأمر- أن يستريح ليجدد أنفاسه فيواصل الجهاد والاجتهاد.
في لحظة فارقة مفارقة حدت خطوات أقدس قدمين مباركتين، هما قدما سيد الكونين والثقلين خير الفريقين من عرب ومن عجم سيدنا محمد عليه وآله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين الصلاة والسلام، ومعه صديقه أبو بكر، فجوة في طريق ضيق في منحدر هضبة كؤود تسمى «ثور». كان خفق قلب الصاحب تكاد تسمعها الجنادل والجنادب ويكاد يشفق للهاثه شعاع الشمس الحارقة، وتلوذ أكتاف الهضبة بأعطافها الشائكة بصمت مخيف رفقاً بهذا الصاحب الخائف على أكرم وأشرف رسول أكثر من خوفه على نفسه.
وكلما سمع أبو بكر تزايد خطوات البحاثة بدافع طمع الأعطية بل العطايا المغرية ازداد وجيب قلبه المفعم بحب الله ورسوله، وتنطلق شفتاه: «والله يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لرآنا»، فيجيبه سيدنا النبي: «لا تخف ولا تحزن إن الله معنا»، فيخف وجيب قلب مضطرب بفعل سكينة السماء وبرد أنفاس عليائية علوية يتنسمها من أطهر فم لا ينطق عن الهوى!
وتنهزم جموع الاستكبار وغطرسة القوة والثروة أمام دعوة التحرر من العبودية وعنجهية الإذلال.
وإذا كانت آداب أو ثقافة أية أمة تنبع من مصادر وينابيع وجذور، فإن ثقافة العرب قد استرفدت ينبوعاً ثرياً خصيباً هو القرآن الكريم، فقد صاغ أدبنا العربي وأدباء العربية اقتباساً ووحياً من قوله تعالى: «... ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ»؛ صاغ الشاعر هذا الاقتباس شعراً فقال:
وإذا المعية لاحظتك عيونها
نم فالمخاوف كلّهنَّ أمانُ
وها هو الشعب اليمني تلاحظه وتحيطه معية الله، فتتقزم وتنحدر قوى العالم كله ويمرغ خدها بتراب أقدام المجاهدين الحفاة.

أترك تعليقاً

التعليقات