فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -

أول خطوة على الطريق المستقيم هي إنصاف المظلومين، الذين تاهت قضاياهم في دهاليز الفساد، الرشوة والمحسوبية، فلم يعد يذهب المواطن إلى جهة الاختصاص، لأن جهة الاختصاص لم تنصفه، وإنما ظل موضوعه يموت ويبعث ثم يموت... وهكذا، فلم تعد أمامه إلا نافذة واحدة للضوء، هي نافذة رئاسة الجمهورية.
إن ملايين الشكاوى قد تبلغ الاختصاصيين الذين -وهذا واقع- لن تمكنهم قدراتهم من مواجهة هذا السيل الجارف من المظالم الكئيبة الغاية في السواد، فالشعب كله مظالم، بدليل هذه العمارات الشامخة الباذخة والسيارات الفارهة والأرصدة المتجذرة.
إن القيادة قد فتحت للشعب هذه النافذة، نافذة الضوء التي نخشى أن تغلق، نظراً لوزن الملفات وكثافتها. لم تعد جهات الاختصاص محل ثقة، فيذهب ليجرب رئاسة الجمهورية، ونخشى ألا تكون النافذة الأخيرة، أعني أن يلجأ المواطن المظلوم إلى أن يكون قاتلاً أو مقتولاً. و90% من قضايا القتل هي مظالم المواطنين فيما بينهم مما يجعل المواطن يلوذ بالرصاص نافذة القصاص، أما الإنسان العاقل فإنه يلجأ لأن يتنازل عن نصف حقه ليفوز بالنصف بدل أن يضيع الكل.
لقد كنت في تهامة بعد ثلاثة أشهر من قيام ثورة أنصار الله، ورأيت تهامياً يبكي فرحاً لأن أبا أحمد محمد علي الحوثي طلب إليه إبراز وثائقه، فما إن فعل ذلك وجه محافظ الحديدة بأن يغدو بعد يومين لتمكينه من حقه الذي صادره "فخامة رئيس الجمهورية" بأمر لهذا لـ"المتهبش"، وكان أن هرع كثير من أبناء تهامة يقترضون حق الهايلوكس ليصلوا إلى باب أنصار الله لاسترداد أراضيهم المصادرة بأوامر "فخامة الرئيس" الذي ظن أن تهامة وحضرموت ملك لأبيه وجده. 
والسؤال الأكثر حساسية: من ينصف المواطن المظلوم الذي نزع حقه وزير أو أمير أو قائد عسكري كبير وصغير؟! من يجرؤ على الكلام أو حتى صرخة مظلوم؟!
لقد ذهب كثير من علماء الإسلام وفقهائه إلى أن الحدود إنما تقام ليتجنب الآخرون فعل الذي قطعت يده لسرقته المتكررة والذي نفذ فيه حق القصاص لقتله العمد شخصاً آخر...
إن الواجب يقتضي أن يطبق حد التعزير في الفاسد فيشنق قاضٍ فاسد وعسكري قائد ووزير رائد، وليشهد هذا الشنق طائفة أو طوائف من المؤمنين والفاسدين.
يا أنصار الله ابدؤوا بما بدأ الله به، وهو إنصاف الفقراء من الأثرياء، والضعفاء من الأقوياء... لقد استبشر اليمن بثورتكم فامضوا غير متهيبين لتقيموا ميزان العدل والله واليمن معكم.

أترك تعليقاً

التعليقات