علي الولي وبنوه
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
علي عليه السلام، المولود في جوف الكعبة، والذي تربى على مائدة الرسول صلى الله عليه وسلم، واجه من أول يوم هذا المُلك العضوض الذي انحرف عن طريق الإسلام الحنيف. ولما أسند إليه المسلمون -ببيعة صريحة- زمام الخلافة، اندفع يكمل شوط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يلقي على كاهله مترتبات مسؤولية الخلافة عبئاً أثقل ومهمات أخطر، فيمضي لا يأبه للنصائح التي تشفق عليه من مواجهة الباطل المؤلل بالأموال وعباد الأموال الزاهدين بما أعد الله لعباده الصالحين.
واجه الولي الإمام علي الملك العضوض من واقع مسؤولية أعباء ومسؤوليات الخلافة والخليفة.
لقد دخلت نصائح المشفقين على الإمام من أذن وخرجت من الأذن الأخرى:
أ) نصائح تشفق على الإمام من واقع حب الخير من قبل من لم يخالط الإيمان بشاشة قلوبهم، فإنهم يفهمون الخلافة جلباً للأموال وتحصيلاً لزهرة الحياة الدنيا، فمن حق الإمام أن يستمتع بالحياة الدنيا وزخرفها وزينتها وزهرتها، أليس هو صهر رسول الله وزوج ابنته والمجاهد في سبيل الله؟! فهو يستحق حياة سعيدة كأمير خليفة ينبغي أن يعيش حياة رافهة سعيدة!
ب) نصائح تشفق على الإمام من ملوك الدنيا الذين طمعوا في الدنيا وزينتها وزخرفها واستناموا لإغراءاتها واطمأنوا لفتنتها، والحياة الدنيا بكل معطياتها يحرص أبناؤها على قتال من يحاول إقامتها وفق ما أراد الله ورسوله وصالحو المؤمنين، فكلاب الدنيا يستفزها من يحاول أن يجعلها مزرعة للآخرة، وإنما يريد أن يجعلها جيفة يحشو بها أمعاءه التي ألفت الحرام، بل صيغت من الحرام.
جاهد الإمام كل الباطل، وقف بالإيمان كله للكفر كله. ولما حين أراد الله أن يختم له بالحسنى وطعن في محراب الصلاة، فرح بالشهادة وأطلقها كلمة توحيد: «فزت ورب الكعبة»، ومضى في علاه يشهد له المسلم والكافر، البر والفاجر، بسلوك طاهر وقلب عامر بجهاد في سبيل الله ظاهر.
خلف علياً أولياء يسيرون سيرته ويستضيئون بنوره. وإذا كان عليٌّ قد تربّى على مائدة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كفله طفلاً ورباه مجاهداً يؤثر الله ورسوله على حياة فانية، هي الحياة الدنيا التي هي جيفة وطلابها كلاب، فإن ابنيه، الحسن والحسين، قد استظلا من أول يوم عرفا فيه نور الله وسارا في ضوء حقيقة المعبود بحق، يواجهان الطاعون/ الطاغوت بكل كبرياء وتحدٍّ. أما الحسن فقد اجتهد أن يقارع الباطل بالإعداد والعدة، لم تصده حكمة المحبين من أن سيف الباطل مع معاوية، وحب الحق مع عليٍّ، ولم يسعه إلا أن يسكن للإعصار ريثما ينظر ويخطط؛ ولكنه خلص إلى أن العاصفة اتخذت مسارات إن واجهت المنطق فإنها لن تبقي ولن تذر، فلقد تستأصل شأفة الإسلام وتحطم أهله حطما، فلا تبقي للإيمان نبتة ولا بذرة، فآثر وجود الحق وزرعه والحفاظ على زرعه وثمره وبذاره خير من فوته ومواته!
وأما الريحانة الأخرى سبط رسول الله وسيد شباب الجنة، الحسين، فإنه لم يعش على ضيم، ولا حياة مع ذل، فآثر الجهاد والمجاهرة بالمجاهدة، فاستل السيف وقارع الباطل بإقدام النبوة ورضاع الزهراء بنت رسول الله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.
خرج الحسين شاهراً سيفه يستمد القوة من أبيه الإمام، ويركن إلى عزيمة أبيه. ورأى أن أمر الأمة لن يستقيم إلا بالعودة إلى منطلق الإسلام ودعوة الإيمان. كان المُلك العضوض لا يكل من السير في ركاب ظلم الأمة واغتصاب حقوقها. وللأسف طمس هذا المُلك العضوض أحداثاً تاريخية لو كشفت لعرف العالم أن طريق الحسن والحسين هو طريق عليّ وأخيه النبي، بينما طريق الآخرين هو طريق من أطلقوا لؤمهم الأسود.

أترك تعليقاً

التعليقات