فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
لسنا مطالبين بإثبات قصص مروءات شعبنا في القديم والحديث والمعاصر، ولكن نرشد أجيالنا الشابة ونثبت لها أن أصل المروءة يمني في الأساس، ومما يكشف ذلك أمثلة مشاهدة تؤكد الموروث الحضاري الذي تفتخر به الإنسانية على مر التاريخ، ومن ذلك ما تتداعى له قبائلنا اليمنية حين تعفو هذه القبيلة الثائرة والمتوترة عن حقها في القصاص من قاتل عامد قد صدر بحقه الحكم الشرعي ولم يبق إلَّا تنفيذ الحد الشرعي، فتصل تلك القبيلة لتلقي بعبارة: "محكمين"، حتى لتبادر القبيلة المقصودة بعبارة: "متنازلين لوجه الله".
وعلى طريقة المروءة العربية القديمة، حكى لي صديق كان يعمل مشرفاً هندسياً في محافظة من محافظات الجمهورية حكاية ليست غريبة على اليمنيين، فلقد تربص موتور بقاتل أبيه وكمن له أكثر من مرة، فلما واتته الفرصة كان المستهدف يقود سيارة فيها نساء. أوقفه وقال له: "كان اليوم يومك؛ غير أن معك حريم، وعيب أن أقتلك أمام الحريم"، فقال له: "أمهلني أذهب بالحريم وأجي بسلاحي وليحدث ما كتب الله لي أو لك". وإن هي إلا مسافة الطريقة، فلما عاد القاتل قال له غريمه: "قتلك خسارة عليَّ، مثلك لا يُقتل"، فدعا صاحب الثأر غريمه لحضور زفاف أخيه، ولما تم تقديم الطعام أعلن ابن القتيل بأنه عفا عن قاتل أبيه، ليثبت هذا السلوك موروثاً من إرث حضاري ثري تميز به أهل اليمن. قصة ينبغي أن تضاف إلى سجل مروءة اليمنيين.
والسؤال: فيم هذا الصمت؟! وإلى أي مدى يمكن أن تنتظر هذه المفاوضات، في حين أن الشعب اليمني يعيش حالات لا تطاق من الجوع والعري والموت مرضاً وخوفاً واستفزازاً؟!
ألا يُقدّر أشقاؤنا في عُمان ظروفاً صعبة نعيشها ونعاني منها؟! ألم يتعهدوا لنا بأنهم مع الحق، وأنهم يعانون -أنفسهم- من عبء هذه المروءة التي تجعلهم في حرج شديد يسوغه الإخوة الأعداء في السعودية والإمارات، الذين يحارب كل طرف منهما الآخر على الأرض اليمنية؟!
والجواب أن اليمن موطن مروءة أصيلة، فنحن اليمنيين نتكبد الأهوال ونجرع الصبر مُراً من أجل أشقائنا في عُمان، ونؤجل القرار الحاسم مرة تلو أخرى، حفاظاً على مروءة العمانيين، مدركين أن الإخوة الأعداء في بلاد الحرمين وفي الإمارات أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله!
إن الشعب اليمني، يا أشقاءنا في عُمان، صبره ينفد، ولم يعد قادرا على تجرع المروءة أكثر مما يطيق!

أترك تعليقاً

التعليقات