فضول تعزي
 

محمد التعزي

محمد التعزي / لا ميديا -
يعترف معظم أبناء اليمن كل الاعتراف، وبكل رشد، بأن المملكة السعودية "الشقيقة" أنفقت في اليمن مئات الملايين من الريالات والدولارات والجنيهات الذهبية، ليس على مشروعات تنموية بمقتضى الأخوة الدينية والرحمية والصداقية، ولكن لجيوب المسؤولين بالدرجة الثانية والمشائخ والوجهاء ورجال القبائل. ومن وقت مبكر هدفت بهذا العطاء الذي لا يخشى الفقر أن تكسب الولاءات للوقت المناسب: تحديد الحدود وتجنيد الجنود ليكونوا بمثابة نتاج خير وبركة لبوابات التبعية وأقفال الوطنية والكرامة الاستقلالية. والسؤال الذي نوجهه للـ"أشقاء" الذين يمنون علينا ببذلهم هذه الملايين: ما هي المشروعات التي بنتها المملكة في اليمن، غير يافطات كانت قد صنّفت في بوابات الطرقات ركلها المقدم إبراهيم الحمدي بحذائه أكثر من مرة لأنها يافطات نفاق تستهلك باستجداء قبيح "غرر باليمنيين؟! إن كان بعضهم لم يعرف هذا النفاق من قبل فقد عرفه الآن. نشهد وشهادة الحق مطلوبة الآن بأن هذه الملايين التي لم تزل تسيل في جحور اليمنيين قد أتت أكلها، فظهر باطن الذين مردوا على النفاق فتنكروا لوطنهم وباعوه "حوشاً" لقصر بني سعود.
وإذا كان كبار أصحاب الفخامة (عدا الرئيس الحمدي استثناءً لم ينجس يده بأعطيات السعوديين) ومعهم كبار المشائخ وبعض وجهاء اليمن، فإنهم وقد غسلت وجوههم بمرق، بحسب المثل التعزي، قد أدى كل واحد دوره في العمالة جهاراً تارة وبخفوت أخرى، فإن العدوان السعودي لم يعد بحاجة إلى أن يعلن هؤلاء العملاء، وظيفتهم وأداءهم، مقابل ما منحوه من أموال الأشقاء، فقد وفوا وكفوا، ولا جزاهم الله خيراً. وضعوا الإحداثيات وسلموا الملفات وأذاعوا أسرار الدولة اليمنية العامة والخاصة إلى درجة الابتذال!!
السعودية كعادتها لم تساعد الشعوب، ولكن تملأ جيوب الحكام والنافذين وتشتري العملاء. ولما نصح الصحفي خاشقجي مقبح بن هلكان في سبعة مقالات عبر "الواشنطن بوست" و"النيويورك تايمز" بالكف عن قتل الشيعة في القطيف، الشيعة والسنة في اليمن ولبنان، "نشروه". ولما قال قرداحي كلمة حق، وهي نصيحة في المقام الأول، قلبوا عليه الدينا ولم ينفع اعتذار رئيس الوزراء ولا فخامة رئيس الجمهورية، وبدأ الإعلام السعودي منّه وأذاه على لبنان وأهله، وهو يعلم أن ملايينه إنما هي في جيوب آل الجميل وكرامي وجنبلاط والحريري ليصنعوا بها فتناً ويشعلوا بها حروباً.

أترك تعليقاً

التعليقات