صلصة وطنية!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
تعبت من الكلام مع حضرة المسؤول "المهم"، فهو لا يحب أن يسمع إلا صوته هو، وفي برجه العاجي يشعر بالفخر بنفسه وهو يجرب ابتكاراته علينا، ودائما ما يشعر بالضجر من سماع رأي يخالف رأيه، لذلك سأخرج إلى الشارع اليوم لأتحدث في السياسة والاقتصاد مع مواطنين آخرين بسطاء من عامة الشعب؛ ألست فردا من الشعب؟! وكل واحد منكم فرد من الشعب أيضا؟! وككل يمني نحب أن نتكلم في أي موضوع بحرية وإسهاب؟!
إذن دعونا نتكلم ببساطة. في البداية أنا لم أقصد بكلامي مسؤولاً بعينه، بل عنيت أي مسؤول بيروقراطي معتد بنفسه لدرجة لا يقبل معها أن يسمع لأي مواطن آخر. ودعوني أذكر مسؤولنا العزيز بقول الإمام علي (ع): "من شاور الرجال شاركهم عقولهم"، أو كما قال. فلا عيب أن نسمع من بعضنا البعض، فربما أن مواطناً بسيطاً يستطيع أن يلهمك فكرة تساعدك في عملك، ولا شيء متوفر لدينا كالكلام! فما الضير في ذلك؟!
أذكر مرة أني كتبت مقالا في سنوات العدوان الأولى بعنوان "لكم عملتكم ولي عملتي"، وكان هذا قبل أن أفكر بأن أنشر مقالاتي، وكانت فكرتي يومها أن يتم فصل العملة القديمة عن العملة الجديدة التي طبعها العملاء وأغرقوا السوق بها، واعتبارها عملة مختلفة!
وبصراحة لا أعلم من نقل الكلام، أو ربما من خطرت له الفكرة ذاتها، ولكني فوجئت -ويا لسعادتي- بعد فترة بقرار فصل العملة القديمة عن الجديدة. وأنا هنا لا أدعي أنني صاحب الفكرة الوحيد أو أطالب بمكافأة لا سمح الله، ولكني سعيد بأن الفكرة طبقت وأفادتنا كثيرا، وهذا دليل على أهمية أن نستمع بعضنا البعض.
لنتكلم في موضوع آخر. مثلا دعونا نتكلم عن تجربتي مع الصلصة، نعم، الصلصة. قررت في أحد الأيام أن أجرب كيف كان يعيش أهلنا قبل عصر الصلصة، وبالفعل اشتريت الطماطم وطلبت من زوجتي أن تطبخ الإدام (الطبيخ) بدون صلصة، ولكم أن تتخيلوا دهشتي من المذاق اللذيذ للطعام! جربوه ولن تندموا. المهم، بدأ الهوس بالموضوع يستهويني، وبدأت أحاول قدر المستطاع أن أستبدل المعلبات بمنتج محلي، وبدأت أمشي مزهوا وأنا أتخيل أني شخص وطني، فأنا أفيد ابن بلدي صاحب المنتج أولا، ولا أعطي المال لعدوي الذي يحاصرني من جهة، ويغرق أسواقنا بمنتجاته من جهة أخرى.
المهم، فقد تطور الموضوع أكثر، وبدأ صاحب البقالة يشعر بالضجر من زبونه الذي لا يشتري إلا بعد أن يقرأ أين صُنع المنتج الذي سيشتريه. وحتى زوجتي بدأت تقلق من قضائي وقتاً أطول كلما ذهبت لأشتري شيئا من السوق، وغالبا أعود بمنتح محلي قد يحتاج وقتا أطول ليستوي، ولكن... أتعلمون؟! أنا أشعر بالرضا وأنا أفكر بأن هناك مزارعاً يمنياً، أو صاحب معمل وطني، يستفيد مما أشتريه أنا، وأشعر بأني وفرت الكثير على نفسي وعلى بلدي، كما أني أشعر -والله يشهد على صدقي- بأن صحتي أفضل بعد أن استبدلت السمك والخضار والفواكه والعصائر الطازجة محل المعلبات التي كنت أشتريها، وأصبح مذاق المأكولات ألذ وأشهى.
أنا لا أحاول أن أنظّر، ولم أتكلم عن المقاطعة الاقتصادية التي هي برأيي مشروع عظيم تأخر تطبيقه كثيرا للأسف بسبب جمود الكثير من العقول، خاصة التجار المحليين الذين لا يفكرون إلا بالربح السريع. أنا أتكلم بشكل مبسط مع مواطنين يمنيين مثلي، ولكم حرية التجربة، فهي خير برهان، فقط أرجو ان تشاركوها مع الآخرين لو أعجبتكم، فما رأيكم؟! ولنبدأ من الصلصة!

أترك تعليقاً

التعليقات