أنس القاضي

أنس القاضي / #لا_ميديا -

الصدام اليمني «الإسرائيلي» القادم أمر موضوعي ونتيجة يمكن التنبؤ بها من مختلف الشواهد والمسببات والعلاقات الشرطية القائمة، سواء تم هذا الصدام بطريقة مباشرة ونتاج عدوان صهيوني علني مُركز، أم بطريقة غير مباشرة عبر تحالف العدوان ومرتزقتهم وبشكل بطيء كما هو في الوضع الراهن، ومحافظة تعز هي ميدان هذه المعركة المرتقبة، في سواحلها ومناطقها الجنوبية تجري التطورات وتتوارد المشاريع العدوانية.

معركة محتملة تدفع إليها طبيعة الأهداف الأساسية للعدوان المرتبطة بالبحر الأحمر، المُقدمة على باقي الأهداف الثانوية، ويفرضها موضع مضيق باب المندب في صفقة «ترامب» المبنية على رؤية «شمعون بيريز»، وكذلك موقع البحر الأحمر وباب المندب في الاستراتيجيات الصهيونية، السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية.
تُعد «صفقة ترامب» خلاصة للمشاريع الإمبريالية الاستعمارية والصهيونية في المنطقة من «هرتزل» إلى «بريجنسكي» و«كيسنجر» فـ»شمعون بيريز». ويرتكز البُعد الاقتصادي والأمني لصفقة ترامب على الحضور الصهيوني في البحر الأحمر والسيادة عليه.
 اليمن هي الدولة الوحيدة على ضفتي البحر الأحمر التي ترفض هذه الصفقة العدوانية وتنحاز بشكل علني إلى خيار المقاومة، فلا بد لتنفيذ المشروع الاستعماري الصهيوني، دفعة واحدة أو على مراحل، من إخضاع القوى الوطنية اليمنية في صنعاء أو اجتزاء السواحل الجنوبية والغربية وسواحل تعز من جغرافيا الجمهورية. 
مشروع «قناة السويس الاسرائيلية» و»قناة البحر الميت» وخط السكة الحديدية الذي يُفترض أن يربط شمال دولة الاحتلال بجنوبها، وخط السكة الحديدية المفترض ان يمر من «إيلات» إلى السعودية حتى أبوظبي، ومشروع إنشاء «كيان دول البحر الأحمر»، ومشروع «الناتو العربي الأمريكي الإسرائيلي»، وبناء مصر «قاعدة برنيس» العسكرية في أقصى الحدود المصرية جنوباً باتجاه باب المندب. مختلف هذه المشاريع الاستراتيجية التي لها صلة بالمخططات الإمبريالية لجعل الكيان الصهيوني قوة اقتصادية وعسكرية حاسمة في المنطقة، تحقيقها وفاعليتها رهن بتأمين وجود الكيان الصهيوني في البحر الأحمر ومنفذه الجنوبي المتمثل في مضيق باب المندب اليمني.
وإضافة لما سبق من مشاريع صهيونية في شمال البحر الأحمر تجري مشاريع عدوانية في جنوب البحر الأحمر في محافظة تعز، رديفة للمشاريع السابقة، منها موقع «منتزه السكون» في الحجرية، مشروع جسر «مدينة النور»، مدينة سكنية لمرتزقة طارق عفاش في المخا، محاولة فصل سواحل تعز عن مرتفعاتها. ومن الشواهد تسليم الإمارات جزيرة زقر الحاكمة لباب المندب لقوات العميل طارق عفاش، وسبق لـ«إسرائيل» أن احتلت هذه الجزيرة اليمنية في أواخر السبعينيات.
على عكس مشاريع استعمارية ثانوية كانت من ضمن أهداف العدوان يُمكن للمعتدي الأجنبي التنازل عنها والتأقلم معها كنهاية المشروع العدواني المتمثل بإقامة «إقليم سبأ» الذي سقط نتاج التقدمات الأخيرة لقوات الجيش واللجان الشعبية في عملية «البنيان المرصوص»، فإن أياً من التطورات المستقبلية سوف يدفع إلى الصدام المحتمل مع الكيان الصهيوني والأمريكي في باب المندب، سواء إذا ما قاومنا مشروع الإقليمين أم قاومنا تقسيم تعز، أم توجهت قواتنا مستقبلاً نحو عدن.

العين الصهيونية على اليمن 
تُعد السيطرة على البحر الأحمر من أهم الاستراتيجيات «الإسرائيلية»، والتي بدأت بعد عام 1949 بعد تأسيس الوجود «الإسرائيلي». وتعاظمت هذه الأهمية والرغبة الصهيونية في السيطرة على البحر الأحمر من بعد حرب 1973 حين أُغلق البحر الأحمر أمام اسرائيل من باب المندب في جنوبه وخليج العقبة في شماله. واليوم تتضاعف هذه الأهمية مع الحاجة إلى تنفيذ مشروع «صفقة ترامب» التي تعد خلاصة لمشاريع استعمارية عديدة وُضعت لخدمة «إسرائيل». 
وكان قد عبر عن هذه الأهمية «ديفيد بن جوريون» أول رئيس وزراء لـ«إسرائيل» بقوله: «لو تمكنا من السيطرة على مواقع حيوية في البحر الأحمر فإننا سنتمكن من اختراق سور الحصار العربي، بل والانقضاض عليه وهدمه من الخلف... إن سيطرة إسرائيل على نقاط في البحر الأحمر ستكون ذات أهمية قصوى لأن هذه النقاط ستساعد إسرائيل على التخلص من أي محاولات لحصارها، كما ستشكل في ذات الوقت قاعدة لمهاجمة أعدائها في عقر دارهم قبل ان يبادروا إلى مهاجمتنا».
طبيعة الصراع والتنافس الجيوبولتيكي في المنطقة تجعل من الصدام اليمني «الإسرائيلي» أمراً ضرورياً لا صدفيا، خاصة مع الدوافع العدوانية التي تشكل التوجهات الجيوبولتيكية الصهيونية إزاء البحر الأحمر، والتي تحظى بأهمية بالغة في الاستراتيجية الأمنية الصهيونية «الأمن القومي الإسرائيلي» وكذا في «الاستراتيجية البحرية للجيش الإسرائيلي»، ففي هذه الاستراتيجية يضع الكيان الصهيوني لنفسه حق التدخل في سواحل البحر الأحمر والقيام بعمليات ضد الدول التي يعتبرها دولاً معادية وسواحل معادية. وسبق للكيان الصهيوني أن أنذر سفنه في الأعوام الماضية بالتعامل مع السواحل اليمنية كسواحل دولة معادية، وبالتالي فمشاركته في العدوان حاليا واحتمالات دخوله في عدوان مباشر مسألة محتملة إن لم تكن مؤكدة.

الاهتمام الصهيوني بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب اليمني 
التواجد العسكري الصهيوني في منطقة البحر الأحمر، ليس مصادفة ولا نتاج حاجة أمنية دفاعية في مواجهة العرب، بل من صلب المشروع التوسعي الصهيوني، وباب المندب جزء من مشروع توسعي صهيوني أوسع في أفريقيا واتجاه المحيط الهندي. 
تُعد اريتريا إحدى أبرز بؤر التواجد الصهيوني في البحر الأحمر، ومنطقة باب المندب بشكل خاص، فقد سارعت «إسرائيل» إلى احتواء إريتريا، وإقامة قاعدة عسكرية خاصة بها في ميناء مصوع، والاستفادة من الجزر الإريترية على امتداد ساحلها على البحر الأحمر البالغ أكثر من ألف كيلومتر ويضم أكثر من 360 جزيرة. 
إن الأهمية التي يوليها الكيان الصهيوني للبحر الأحمر، وتخوفه من فرض الجمهورية اليمنية سيادتها عليه هذه المسألة، هي الدافع الأول للكيان الصهيوني للمشاركة في العدوان على اليمن، وخاصة مع ظهور توجه يمني مقاوم للإمبريالية الأمريكية والصهيونية من بعد ثورة 21 أيلول 2014 وظهور أنصار الله كقوة وطنية مقاومة مؤكدة استعدادها للمشاركة في أي حرب قادمة ضد الكيان الصهيوني مع قوى المقاومة اللبنانية الفلسطينية.
منذ ثورة 21 أيلول بدأت المخاوف الصهيونية من المتغيرات في اليمن، وبدأ الكيان الصهيوني يراقب ما يجري بدقة ويعلن مخاوفه علنا؛ فقد ظهر رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في العام 2014 في إحدى جلسات الكونجرس الأمريكي إبان فترة باراك أوباما ينبه أمريكا بأن مضيق باب المندب في اليمن سوف يقع «بيد حلفاء إيران في اليمن الحوثيين».
تخشى «إسرائيل» من الخبرات العسكرية التراكمية التي اكتسبتها قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية في مواجهة العدوان وقبلها في مواجهة الحركات الداعشية وحماية ثورة 21 أيلول 2014. وهي خبرة عسكرية ثورية تمثل مكتسباً للوطن اليمني وضمانة لسيادته ومكسباً لمحور المقاومة.

المشاريع الصهيونية في البحر الأحمر وتعز 
بنى الصهاينة مستقبلهم الوجودي ومشاريعهم التوسعية على السيطرة على باب المندب، فالجانب الاقتصادي من هذه الصفقة يقوم على مشروع «شيمون بيرز» الذي اعتبر ان البحر الأحمر يجب أن يكون بحيرة سلام ونقطة وثوب اقتصادياً وأمنياً واستراتيجياً لـ«إسرائيل». فمشروع «قناة السويس الإسرائيلية» و«قناة البحر الميت» وخط السكة الحديدية الذي يُفترض أن يربط شمال «إسرائيل» بجنوبها، وخط السكة الحديدية الذي يجب أن يمر من إيلات إلى السعودية فأبوظبي، ومشروع إنشاء كيان الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ومشروع «الناتو العربي الأمريكي الإسرائيلي»... مختلف هذه المشاريع الاستراتيجية اقتصاديا التي لها صلة بالمخططات الإمبريالية لجعل الكيان الصهيوني قوة اقتصادية وعسكرية حاسمة في المنطقة، رهن بسيطرة الكيان الصهيوني على باب المندب ومنفذه الجنوبي بعد سيطرته على منفذه الشمالي وتطبيعه العلاقات مع الدول على ضفتيه. 
وإضافة لما سبق من مشاريع صهيونية في شمال البحر الأحمر تجري مشاريع عدوانية في جنوب البحر الأحمر في محافظة تعز، رديفة للمشاريع السابقة ومتفرعة عنها، منها موقع «منتزه السكون» الاستثماري الإماراتي في الحجرية، ومشروع جسر «مدينة النور»، مدينة سكنية لمرتزقة طارق عفاش في المخا، ومحاولة فصل سواحل تعز عن مرتفعاتها.

أترك تعليقاً

التعليقات