إضعاف صف الحق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كيف لمَن يتحرك في ميدان التحمل للمسؤولية اليوم، أن يعطي نفسه مبرراً للسكوت عن ظالم، والتهاون في السعي لإنصاف مظلوم؟ ألسنا جميعاً نقول بالانتماء إلى مسيرة قرآنية، عنوانها القيام لله، وعياً والتزاماً، وحركةً في نصرة الحق، وإقامة القسط بين الناس؟ ألا نعي أن الكيفية التي أراد لنا الله سبحانه، أن نكون عليها، في مواجهة أعدائه، من الكافرين والمستكبرين يهوداً ونصارى ومنافقين، هي التحرك بروحية الإخلاص لله، التي تجعلنا كالبنيان المرصوص، فنكون بذلك من المشمولين بعفوه ورحمته وعونه ومعيته، بالمستوى الذي يجعلنا نلمس رعايته الشاملة لنا، في كل مواقفنا، وفي جميع الوضعيات والظروف التي نعيشها أو نستقبلها، كثمرة طبيعية لمقتضى محبته لنا سبحانه وتعالى، وبالتالي فإن الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، بكبيرها وصغيرها، سواءً على المستوى الشخصي أو العام، مطلبٌ مهمٌ وأساسي في بقاء صف الحق هذا قوياً ومتماسكاً في مواجهة الباطل، كما يعبر عن ذلك الشهيد الرئيس، والرجل النموذج، صالح بن علي الصماد (رضوان الله وسلامه عليه)، إذ قال: إن كل ذنبٍ يرتكبه المنتمي لهذا الخط، حتى وإن كان مقتصراً على الإضرار بنفسه فقط، وبعيداً عن الناس، بحيث يمارس في الخلوات، ولا يلحق الناس في الظاهر أدنى ضرر نتيجة القيام بارتكابه، من قبل هذا أو ذاك، حتى النظرة الحرام، لها نتائجها المدمرة، وآثارها السلبية والهدامة، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى خرم صف الحق، وإضعافه وتراجعه، وصولاً إلى الهزيمة الشاملة أمام الباطل، ليختفي بذلك الحق من كل الساحات، فيصبح كل شيء مبنياً على أساس الباطل، بكل ما يعطيه من مفاهيم، ويتبناه من سياسات ومواقف، ويصدره من أحكام وتشريعات، فإذا بذلك الذنب، أو تلك المعصية، التي ارتكبها فرد، تسببت في ضياع مجتمع ولربما أمة بكاملها، مع أن مرتكب ذلك الذنب كان حريصا على ألا يراه أحد، وألا يتسبب بإيذاء أحد من خلاله، لكن قد تتراكم الذنوب، نتيجة تمادي هذا الشخص في غيه، وإصراره على البقاء في المعصية، فيفاجأ يوم القيامة أنه يتحمل كل التبعات التي وقعت على الأمة بشكل عام، لكون المسؤولية أمام الله تقع عليه قبل غيره، فكيف بمَن يكون لما يقوم به من ارتكاب للذنوب والمعاصي، علاقة مباشرة بالناس، كأن يظلم أحدا بأخذ حقه، أو بقطع رزقه، من خلال عزله من عمله، والعمل على كيل التهم إليه، والاستقواء عليه، والتمادي في إهانته، والإصرار على عدم إنصافه.

أترك تعليقاً

التعليقات