مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إن الطريق لإيجاد مجتمعٍ يقظٍ لكل تحركات الأعداء، واعٍ لطبيعة أساليبهم، قادرٍ على كشف مخططاتهم، مبادرٍ في التصدي لهم، سباقٍ لقطع الطريق عليهم أينما اتجهوا، يبدأ من نقطة السعي الحثيث لتحقيق العدالة الاجتماعية، التي بموجبها يستطيع العمل التعبوي والتوعوي، والنشاط الثقافي والفكري الوصول إلى أكبر قدرٍ ممكنٍ من الناس، والذين قد أصبحوا مهيئين نفسياً لتقبل كل ما يُطرحُ عليهم من أفكار، مع وجود قابلية ذهنية للتفهم والاستيعاب، إلى الحد الذي يصل بهم في نهاية المطاف إلى القناعة بأنهم معنيون باتخاذ موقف، وملزمون بالقيام بفعل شيء إزاء كل ما يجري من حولهم، وذلك على ضوء ما نتج عن الثقافة التي تلقوها، والأفكار التي فهموها، فهمَ علمٍ ودراية، فالتزموها كعقيدة ومبادئ، بها يدركون الأشياء، ويحاكمون الأفعال والمواقف، ولها يرجعون لكي تتوازن الخطوات، وينضبط السلوك، وتستقيم الأفكار والألسن، أما إذا بقيت العدالة الاجتماعية مغيبة عن الواقع، لا تحتل سلم الأولويات لدى ساسة البلد، وليس لها حيز في برامج الهيئات والقطاعات والمؤسسات الحكومية، إلا بالمستوى الذي يجعلها منطلقاً لدغدغة العواطف، أو سلعةً للتسويق لشخصية بعينها في أوساط الجماهير، عبر نشرات الأخبار، التي تريك من خلال تقاريرها المتتبعة لتحركات هذه الشخصية أنك أمام صانع المعجزات، في جمع الشمل، ووحدة الصف، وتعميم السلم المجتمعي، فلن يتحقق وعي، ولن يكون هنالك بناء فكري، أو تحول ثقافي بالمستوى الذي تتطلبه الأحداث والتحولات، وتفرضه التحديات والمشاكل والأزمات التي يقف وراءها العدو أولاً، وبشكل مباشر، والتقصير في تحمل المسؤولية، والقصور في تقديم الخدمات، والجهل بحركة الواقع ومتطلبات المرحلة ثانياً.
وعليه ستبقى الأبواب مفتوحةً للعدو كي يتسلل متى ما أراد إلى أوساطنا، فتارةً يشكك بنوايانا، ويطعن بمصداقيتنا، وأخرى يستقطب، ويفكك، ويعزل بعض المجتمع عن بعضه الآخر، ولن تجدي حينها الخطبة المعممة على مساجد الجمعة، ولا الكلمات المختارة بعناية في كل مناسبة أو تظاهرة أو اجتماع، مهما كانت صادقة وواقعية، إذ إن ما يهم الناس هو: ما يرونه لا ما يسمعونه، وقد حدد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، المهمة الأساسية لدولة الحق، التي تحكم باسم الدين، وتستند إلى الشرعية الإلهية، وذلك بقوله: «وما أخذ الله على العلماء ألا يقاروا على كظة ظالم ولا صغب مظلوم». بهذه لا سواها تستقيم الحياة، ويتعزز التماسك، وتسود القوة والوحدة المجتمعية، وإذا لم تكن هي المنطلق في كل حركة أو فعل لمبسوطي اليد بالقدرة والنفوذ والسلطة فلن يتحقق لنا شيء على الإطلاق، بحيث يمكن له البقاء بشكل دائم، لأن أي تحول لا تكون العدالة الاجتماعية أساسه وأصله وفرعه فإنه: تحول مؤقت، قائم على الانفعال، وحتى إن وُجد له مناصرون ومحبون، فسيبقون في نطاق دائرة صغيرة يمكن القضاء عليها، أو استمالتها لصالح مشاريع وتوجهات أخرى.

أترك تعليقاً

التعليقات