وطنٌ ذاك ديدنه.. ليس وطني
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يحذر القرآن الكريم المؤمنين كثيراً من التماهي مع كيانات وقوى الكفر والاستكبار، التي تتحرك من موقع الجحود والإنكار للحق، وتقف موقف المعاداة لله سبحانه، ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله، وللمؤمنين. ولم يكتفِ القرآن بتقديم تلك التحذيرات كعناوين فقط، وإنما قدمها كأسس تربوية وأخلاقية وعقائدية شاملة، حوت في طياتها الوضوح التام والدقة اللامتناهية، التي تحدد للمؤمنين كل التفاصيل المتعلقة بكيفية التعامل مع العدو على كل المستويات وفي مختلف الظروف والمجالات، حرباً أو سلماً، بحيث لم يعد هنالك أي لبس في القضية.
كما يجد المتأمل في كتاب الله أن الموقف الذي يحث المؤمنين إليه تجاه الأعداء احتل مساحة واسعة من آياته المباركة، توزعت على معظم سوره العظيمة والطاهرة، إلى جانب وجود سور بأكملها مثلت هذه القضية مضمونها العام. وكذلك تناول القرآن كل فئة من تلك الفئات الكافرة والمنحرفة على حدة، بالمستوى الذي يشرح لك أدق التفاصيل عنهم، كيف يفكرون، وما هي العناوين التي يرفعونها، وكيف هي نفسياتهم من الداخل، وكيف يتحركون، وإلى ما يستندون في جميع ما يتخذونه من مواقف أو يقومون به من أعمال، مع تقديم المنطلقات التي لا بد من اعتمادها من قبل المؤمنين في مواجهة كل ذلك. وقد أشار سيد الثورة رعاه الله، في إحدى محاضراته الرمضانية هذا العام، إلى ذلك، وقال في معنى كلامه: إن موضوع المعاداة في القرآن الكريم، على الرغم من سعته ودقته وشموله، غُيب من الذهنية الإسلامية، نتيجة ابتعاد معظم المسلمين عن القرآن والتزامهم بثقافات أخرى، ثقافات عملت على تشويه هذا المفهوم، نتيجة ارتباطها من حيث النشأة بالمستكبرين، الأمر الذي جعل أولياءهم من الأنظمة المنافقة يعملون على ترويجها كثقافة تعبر عن الإسلام دون سواها، وهذا ما جلب على المسلمين الويلات والنكسات والهزائم إلى اليوم.
ولقد حصل في الآونة الأخيرة موقفٌ من قبل بعض الساسة في يمن الأنصار تجاه أحد المنافقين الراحلين إلى سوء المصير، بعد أن أفنى حياته في ظلم الناس، ومحاربة الحق، هذا الموقف بدا مخالفاً للقرآن، فكيف نعطي لأنفسنا مبرراً أمام الله وخلقه ونحن مسيرة قرآنية؟! أوَما علم هؤلاء أن إظهار شيء من المودة للكافرين والمنافقين، سواءً أكانوا أحياء أم أمواتاً، ضلالٌ وفسق كما قرر ذلك الله في كتابه العزيز، بل هو سببٌ من الأسباب الموجبة لغضب الله علينا، وعملٌ نستحق عليه العقوبة التي في إحدى جزئياتها تخليه سبحانه عنا كولي وناصر ومعين ومؤيد؟! لماذا نرى البعض يتحرك في ميدان السياسة بخلاف القواعد الفكرية والعقيدية التي نلتزمها ونؤمن بها؟! ألا يدرك هؤلاء أنهم يؤسسون للهدم من حيث أرادوا البناء، ويفككون القاعدة الجماهيرية من حيث أرادوا قوتها وتكثير سوادها؟! عليهم أن يعوا أن وطناً يتسع للجميع لا يتفق مع مفهوم القيام لله، ولا يرضاه دينه، ولا المؤمنون من عباده. إن وطنا يستوي فيه الخائن والأمين والمجاهد والمنافق ليس هو الوطن الذي تريده رسالتنا ومسيرتنا. وطنٌ هذا ديدن ساسته ليس وطني.

أترك تعليقاً

التعليقات