بعضٌ من سمات المفسدين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
القدرة على فهم الناس من حولنا؛ هو العامل الذي مانزال نفتقر إليه كثوار، وشعب حر ومضح في سبيل الله، من أجل بلوغ عزته، وحفظ كرامته، وانتزاع حقوقه، والحصول على الفرصة التي تمكنه من أداء واجبه. ولو تم لنا ذلك لاستطعنا التخلص من المفسدين، لأن الجميع سيصبح صاحب نباهة اجتماعية، هذه النباهة ستجعل كل فرد من أفراد المجتمع يمتلك إمكانية تصنيفهم بالمستوى الذي يقي الساحة الإيمانية والثورية من التراجع والنكوص، ويحميها من عمليات الاختراق، من قبل عدوها، كما يمنع عنها محاولات الالتفاف على كل مكوناتها النظرية، ومبانيها وأسسها ومبادئها العملية والتطبيقية، من قبل كل أولئك الذين يتحركون من الداخل، مستغلين المظاهر الشكلية التي توحي للناظر إلى السطح أنهم ضمن المكون المجتمعي العام، يتبنون الخيار الواحد، ويسيرون على الدرب المحدد لحركة الجميع، ولكن ما إن يتسنى له النفاذ إلى العمق لكل هؤلاء، حتى تتجلى له حقيقتهم، وتتضح أمامه الصورة التشخيصية الشاملة لكل ما هو داخل ضمن تركيبتهم الذاتية والفكرية والعقائدية والأخلاقية، وذلك من خلال طبيعة الأعمال التي يقومون بها، وما تخلفه من آثار ونتائج تدميرية للواقع كله وبكل المقاييس.
إن هذا الصنف من الناس خطيرٌ للغاية، وذلك لقدرته الفائقة في النفاذ إلى القلوب، والاستيلاء على العقول، وسلب الألباب، واجتذاب مشاعر الناس من حولها، ليتمكن في نهاية المطاف من الحصول على إعجابهم به، ومحبتهم له، نتيجة قدرته على التمويه والتخفي خلف الكلمات الموحية بالصدق، والعبارات المعسولة، أو الخطابات الرنانة، إلى جانب كل ما يتبناه من شعارات تصوره في عيون سامعيه أنه هو المخلص لهم من كل عذاباتهم، والمنقذ للواقع كله من السقوط والتلاشي، مع أنه الأشد خصومة مع كل ما هو خير، وكل ما هو عدل وحق، ولكنه يتبع طريقة إبليس في التلبيس على الناس، ويلتزم منهجيته في الإغواء، فهو يحلف للناس الأيمان المغلظة، إنه صادقٌ في قوله، تماماً كما فعل إبليس مع أبينا آدم، حينما أخرجه من الجنة {وقاسمهما إني لكما من الناصحين}.
وكثير من الناس في مجتمعاتنا لايزالون ينظرون من ذات الزاوية التي نظر من خلالها آدم إلى أبليس، كما عبر عن ذلك الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه، والتي يستغلها كل الأباليس في كل مكان وزمان، وذلك أن آدم نتيجة إعظامه لله، لم يكن يتوقع أن يوجد مخلوق يحلف به سبحانه كاذباً، لذلك لا بد من تقييم كل ما نسمع من كلمات وشعارات، ودراسة كل شخصية تظهر في مختلف ساحات العمل السياسي والفكري والاجتماعي وغيره... دراسةً تعمل على ربط الأقوال بالأفعال، لكون الأخيرة هي المعيار والمحك لبيان الصادق من الكاذب، حتى نمنع عن أنفسنا وواقعنا الخراب والهلاك لكل مظاهر الحياة ونتاجات الأحياء، والتي تكون نتيجة طبيعية لوصول كل الذين يتحركون بسرعة فائقة، ويندفعون بقوة وعزم وتصميم، لإفساد كل شيء والعمل على إفناء كل ما له صلة بتحقيق الحياة المنتجة والكريمة للناس، عندما يصلون إلى سدة الإمساك بكل مقاليد وأزمة الحكم ومتعلقاته.
ولهؤلاء المفسدين ميزة أخرى، يختصون بها دون سواهم، وذلك أنهم كلما ذُكروا بالله، وأمروا بتقواه، وقُوبلوا بالنصح، ازدادوا تمادياً في الإثم، تدفعهم نزعة الاستعلاء والأنفة إلى عدم سماع ما يؤدي إلى تصحيح مساراتهم، ليزدادوا انغماساً في الشر، فيكونوا بذلك قد استحقوا عذاب الله، وتحل عليهم لعنته، ويتلبسهم الخزي، في دنياهم وآخرتهم.
تلك بعض سمات المفسدين الكثيرة بكثرتهم، ولكنه الرضا بالموجود الذي ابتلينا به كيمنيين منذ زمن بعيد، الأمر الذي جعلنا نتعايش مع كل فاسد، ونطيل رقبة كل قاصر ومقصر، وكأن التطلع للكمال ليس من حقنا!

أترك تعليقاً

التعليقات