مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
للإطراء والمديح والثناء آثار إيجابية، وذلك حين يكون القصد من اتباع مثل هكذا أسلوب تربوياً وتشجيعياً، كما يعمل الأبُ مع أبنائه الصغار بغرض تشجيعهم على المزيد من بذل الجهد في التحصيل العلمي، أو المداومة على التزام القيم الأخلاقية النبيلة، وكما يفعل الآباء يفعل بعض مدراء المؤسسات والقطاعات الخاصة والعامة مع الموظفين والعاملين معهم في تلك الجهات بغرض تحبيبهم في العمل وإذكاء روح التنافس، لكي لا تصبح الوظيفة روتيناً مملاً، وأيضاً لتعزيز العلاقة بينهم وبين العاملين، لما لذلك من إسهام كبير في إنجاح عمل المؤسسة وإبراز دورها وتحقيق المزيد من التقدم في طريق بلوغ الهدف الذي وُجدت من أجله، هذا إذا كان التوجه دنيوياً في ما يتعلق بالموظفين ورؤسائهم.
وهنا وجب التفريق بين غاية الآباء مع أبنائهم وغاية أولئك مع موظفيهم، فغاية الآباء تربوية، يترتب عليها حصول وجودٍ كريمٍ وضمانُ سلامةِ مصيرٍ لأبنائهم، وهذا ما يجعلها أسمى من غاية رؤساء المؤسسات باعتبار الثانية دنيوية محضة لا علاقة لها بالمصير لا من قريب ولا من بعيد، وإنما هدفها الربح وكسب ثقة الجمهور، إلا إذا كانت تتحرك في سبيل الله، فإن الأمر حينها يكون مختلفاً تماماً، لأن تحركها في سبيل الله قائمٌ على التزام منهج واتباع طريقة تنتظم بموجبهما حركةُ الجميع رئيساً ومرؤوساً، مديراً وعاملاً بسيطاً في خطٍ واحدٍ لأجل الوصول إلى الهدف الذي يترتب عليه فلاحهم في دنياهم ونجاتهم من الخزي والعذاب وفوزهم في آخرتهم.
وعليه فالثناءُ والمدح والإطراء غير معمولٍ به هنا، لأن سبيل الله يريد لمن يودون الانطلاقَ فيه أن يذوبوا في الله سبحانه إلى الدرجة التي تذوب عندها كل الفوارق والتمايزات والطبقات بالمستوى الذي يجعل الواحد من هؤلاء ينسى نفسه ويلغي وجوده، فلا نفس له إلا تلك التي تعبر عن الوجود الجمعي لكل من يسيرون بذات الطريق التي يسير عليها، ولا وجود له خارج نطاق الوجود الكلي للذين آمنوا؛ الذين يحسبون حساباً لعاقبة الخسران، لهذا فهم يعززون دوام استمرارية عملهم الذي ينبع من صلاح نفوسهم لكي يصلحوا الواقع كله باتخاذ التواصي بالحق والتواصي بالصبر زاداً وماءً في كل الظروف والأحوال، فلا يسقطون ولا يتراجعون ولا ينحرفون. ولنا في الغد وقفة مع أضرار المديح وآثاره السلبية على جنود الله المنطلقين في سبيله.

أترك تعليقاً

التعليقات