أجارنا الرحمن من السميفعيين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لانزال مع المأساة التي حلت باليمن، بعد استشهاد مليكه الثائر المسيحي المحمدي الحنيفي على ملة إبراهيم، يوسف الحميري، ملك كل الشعوب (القبائل أو القبل كما يصطلح عليها في العرف اليمني). هذه المأساة هي تولي سميفع أشوع الملك، بدعم الامبراطورية الرومانية وربيبتها الحبشة، وسميفع ذلك الخائن، لن يشفع له نسبه، وإن كان من أقيال اليزنيين، فعار العمالة والخيانة كفيلٌ بنفي كل شرف لمرتكبهما، وإن انتسب إلى أهل الكساء، والتقت سلسلة نسبه بسلسلة الأنبياء! لكن مَن يقنع الباحثين الذين أعمتهم العصبية عن رؤية سميفع كما هو؟ فليس سوى رجل عميل، انتهز فرصة الغزو الحبشي لكي يقوم بخيانة مليكه، ويقدم للأحباش ما لم يكونوا يحلمون بالحصول عليه، فقط ليصبح في ما بعد ملكا شكليا، لا يخرج عن مراد الكنيسة المنوفيزية مادام على قيد الحياة. وليس له من أمر ملكه شيء، سوى القيام بتنفيذ ما يراه ويختاره ويقرره ملك كلب، ملك الحبشة، فهو مجرد تابع ذليل لا قيمة له.
قد يقول قائل: كيف لقيل يزني، كان من رجال الملك يوسف المقربين، أن يفكر مجرد تفكير بطعن اليمن من الظهر، في الوقت الذي بات هذا البلد في قمة المجد، بلدا مستقلا، وحدانيا، موحدا، يقوده ملك قوي وحكيم، استطاع دحر المحتل، وإعادة اليمن إلى مكانته الدينية والحضارية والسياسية، كيف لسميفع هذا أن يرتضي لنفسه أن يكون خنجر غدر، ومعول هدم، والذي لولا ما قام به لما استطاع الأحباش فعل شيء؟
إنه هوس الملك يا سادة؛ والنزعة التسلطية الجامحة التي لم تختف حتى اليوم، ففي ذروة انتصار وتمكين الحركات التحررية والقادة الثوريين، أمثال يوسف الحميري؛ يظهر من بين الجموع الثورية، بل من أقرب المقربين للقادة سميفع أشوع. فأجارنا الرحمن من السميفعيين في كل وقت وحين.
وإذا كنا نسير مع حكاية هذا الخائن، من خلال كتاب (الرحمن.. اللغز الأكبر) لصاحبه نشوان دماج، فلا مانع من أخذ العبر والدروس من كل قضية أو حدث نمر عليه، وهي إحدى غايات الكتاب الذي ننهل من عذب تدفقه.
وإذن بدأت ملامح انجذاب سميفع أشوع للمحتل مبكراً، إذ قاده الهوس بالحكم، والنزعة التسلطية إلى سلوك سبيل الخيانة، يكشف ذلك سقوط اسمه من النقش (507 Ry) بعد أن كان اسمه موجوداً في نقشين سابقين، وهذا النقش يعود إلى أواخر العام 518، أي الفترة التي كان هناك جماعة مبتعثة للمرابطة في نجران بأمر الملك يوسف. فبعد أن كان من خواص الملك، صار يتآمر عليه، ويبدو أن ثمة مراسلات كانت قد بدأت بينه وبين الأحباش، التي لا شك قد استمرت لمدة لا بأس بها، حتى تم تذويب الجبال الجليدية من خلالها، بين العميل أشوع، وسادته المحتلين، فقرر ربط مصيره بالعدو، وفضل الانقلاب على ملكه ذو نواس، ليصبح هو ملكاً بمرسوم من ملك الحبشة، لقاء دفعه الجزية كعبد صاغر ذليل أمام المحتل الحبشي، ولا بأس أن يقال للناس على لسان المنوفيزيين، بأن هذا الذي كان يؤمن بالوحدانية التي هي الكفر بالنسبة لها: إنه قد تاب من كفره، وندم على ماضيه، وقد عمل منذ زمن على بعث كل موجبات الخضوع والطاعة، الأمر الذي جعل الملك الحبشي يأمر الكهنة بتعميده، ويختاره ابناً روحياً له، ومن ثم يرسله على رأس جيوش لا تحصى كملك على اليمن. فهل هناك مَن لايزال يحمل ذرة احترام لسميفع هذا، الذي اختار لنفسه أن يكون صورة طبق الأصل، لخونة مجلس الفنادق؟

أترك تعليقاً

التعليقات