حق الجندية لله
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كل عاملٍ في مسيرتنا القرآنية، كلُ مسؤولٍ في قطاعات ومؤسسات ودوائر دولة يمن الحادي والعشرين من أيلول؛ يقول عن نفسه: أنا من جند الله، وأنصار دينه. ولكن؛ هل علم هؤلاء ونحن كذلك؛ أن ثمة ميدانا وحركة عملية لا بد منهما، لإثبات أو نفي ما ندعيه جميعاً؟
إن العامل أو المسؤول الذي يقر بأنه جندي لله، وفردٌ من أنصاره؛ هو ذاك الذي يظل همه وفكره وقراره وسلوكه وسياسته مهما على مقامه، وأصبح ضمن سلطة ونظام؛ مستمداً من الأصل المرجعي الذي هو تحت قيادته، الذي هو الله. ولا يرضى على نفسه أن يصبح منقطعاً إلى السلطة أو النظام الذين يمثلهما، كونه سيصبح جنديا لهما، ومن عبدتهما وأنصارهما، إذ سيقتصر عمله على تنفيذ مهام كلها تلبية لحاجة السلطة، وتصير أعماله وسياساته وأفكاره لا هم لها سوى حراسة معبوده، ومليكه من دون الله، حينها لن يجد أدنى حرج في أن يظلم، ويكذب ويبطش ويسرق ويفسد ويغش ويخون، مادام ذلك كله من الأمور المساعدة على فرض هيمنته، وبسط نفوذه، وباختصار فإن مهامه وأعماله وميدان حركته محدودة بحدود جسمه، ومحدودة بحدود ذهنية النظام الذي يتبعه. لكن جندي الله مهامه واسعة ينبغي عليه ترويض نفسه لأدائها، لأنها تتطلب لإنجاحها نفساً راقية، وروحية نقية، ووعياً عالياً، وإيماناً راسخاً لا يتزلزل، وإرادة قوية، وعزماً مستمراً، وهمة لا تلين، لأن مهامه هي مهام تربوية، وكذلك تثقيفية وأيضاً جهادية وسياسية واقتصادية واجتماعية وغير ذلك، وهي دعوة لبناء دولة مؤسسات، تعكس التصور الشامل لمنظومة الحق، لا دعوة لبناء الـ»سوبرمان» كما يفهمها معظم المحسوبين على المسيرة والثورة.
وهكذا يتبين أن مهام جندي الله: هي مهام تتحرك في إطار يشمل كل مقتضيات الوعي بالواقع والفهم لكل مجرياته والقدرة على تبيين كل ما يهم الناس في محيط عمله وساحة قيامه بدوره، فإذا ما انطلق في ميدان التوعية والتبيين للناس أمور دينهم وترسيخ معانيه في قلوبهم كان القادر من خلال حديثه عن دين الله أن يرسخ العظمة والجلال لهذا الدين في نفوس الآخرين. وإذا ما أُسندت له وظيفة ما؛ كان مدركاً قيمة وأهمية وعظمة مسؤولية جندي الله التي يقتضي أداؤها بالشكل المطلوب التزام أسمى السبل وأنبل وأشرف الدوافع بحيث إنه ينطلق بعمله التوعوي والتثقيفي والجهادي والتربوي وفي كل مجال من مجالات الرضا لله بدافع الحب للآخرين والحرص عليهم والرغبة في هدايتهم والرعاية لأمورهم والمعرفة لواقعهم والحفاظ على كرامتهم، إذ ترسخ الثقافة القرآنية لدى كل عامل في ساحة الفكر والثقافة وميدان الكلمة والسياسة وكل ميادين حيات ومعايش الناس هذه المبادئ، بعبارات مفعمة بحب الناس، تلك العبارات تحمل طابعاً بريدياً لذلك القلب الذي خرجت منه، يقول الشهيد القائد وهو يدلنا إلى ذلك، ويحثنا على الحفاظ على الإنسان: إن ميدان عمل العاملين لله نفس الإنسان وليس بيته لتنهبوه، ولا حقه لتضيعوه، وليس جدار بيته لتقفزوا فوقه وتعتقلوه وتسجنوه، أو تقطعوا رزقه.
من هنا يتضح المساران ويتمايز الجنديان، فجندي للدنيا وعبيدها جعل من نفسه سوطاً وأداة تدميرية بيد زعيم أو ملك، وجندي لله عاش صدق عبوديته له سبحانه من خلال حبه لعباده وحرصه عليهم وعمله الذي يعود بالخير لهم ويصون حرياتهم وحقوقهم وكرامتهم.
ولأن ميدان عمل الجندي لله هو النفس الإنسانية التي ليست واحداً ولا اثنين، بل نفوس كل البشر، فهو لا يحبس نفسه في بوتقة المناطقية والمذهبية ولا يحشر نفسه في قمقم القطرية والقومية، بل يتحرك كمعني بالعالمين لأنه جندي لله رب العالمين.

أترك تعليقاً

التعليقات