بين جندي الله وجندي هواه
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
الاستجابة لله سبحانه وتعالى، عند مَن يعرفونه حق المعرفة، ويؤمنون به إيماناً مطلقاً، دافعٌ للاستمرارية في حركتهم نحو المستقبل بالمستوى الذي يجعل جميع خطواتهم وتصوراتهم وأفكارهم وسلوكياتهم وأعمالهم مضبوطةً بضابط الإحسان المتأصل في نفوسهم، والذي ينعكس من خلال علاقتهم بالناس، رحمةً ومحبةً وخدمةً ورعايةً وقرباً وحملاً لجميع مشكلاتهم وهمومهم، وقائمةً على أساس التقوى، التي تشكل مانعاً من الانحراف عن الخط، وحاجزاً من الاستجابة لهوى النفس، الذي يعد السبب الأساسي والمباشر في حصول التراجع أو العجز أو التراخي واللامبالاة في كثير من الأحيان، لدى من يبدؤون بدايةً قويةً في الانطلاقة من أجل الله سبحانه، وفي سبيله، ولكن ما إن يصلون إلى مرحلة معينة حتى تتغير نفسياتهم، وتختلف دوافعهم، وتتبدل قناعاتهم، وهذا كله نتيجة وصول هؤلاء إلى الحد الذي جعلهم يضعون لأنفسهم خطاً معيناً لا يتجاوزونه في ما يتصل بالجانب الإيماني والتربوي والأخلاقي والجهادي، مكتفين بما تم لهم بالماضي دون أن يلتفتوا إلى ما يفرضه عليهم إيمانهم في الحاضر أو تجاه المستقبل.
من هنا يبدأ التنكر للنهج، وتتصاعد الرغبة في مخالفة القيادة، لكون أولئك اعتبروا المنصب الذي وصلوا إليه هو نهاية المطاف، ولم يعتبروه فرصةً للدخول إلى ميدان جديد يتطلب منهم الانفتاح على الله أكثر لكي يهديهم إلى الكيفية التي تمكنهم من تقديم النموذج لجندي الله سبحانه وتعالى، في كل ما يرتبط بهم من مهام ومسؤوليات، وهكذا تتضخم الذات، وتقصر النظرة، ويُنسى الله، ويغيب عن الذهن اليوم الآخر، ليحل محل ذلك الطغيان والبطش والظلم والعدوان والتسلط.
ولنا أن نضرب مثالين على ذلك لتتجلى لنا الصورتان اللتان يتضح من خلالهما المساران بين جندي الله، وجندي هواه، ومن واقعنا.
الأول: جاءه توجيه من السيد القائد (حفظه الله)، في فترة تصعيد العدوان على الحديدة وساحل البحر الأحمر، وذلك بضرورة قطع الخط أمام حركة المدرعات والآليات التابعة للعدو، فقيل له انتظر حتى تصلنا المعدات اللازمة لذالك، فأجاب إجابة المؤمن الصادق قائلاً: لن أتوانى عن تنفيذ توجيه السيد ولو لم يكن معي سوى جسدي لقمت بما يريد دون أن أتأخر لحظة واحدة. وهكذا نفذ التوجيه بالمتاح وأعانه الله على ذلك، ونجح في المهمة.
والثاني: ظلم واعتدى على شخص ولما جاءه التوجيه من سيد الثورة بإصلاح ما أفسد، من خلال ظلمه، وذلك بسرعة الإنصاف للمظلوم ورد اعتباره، وإرجاعه إلى عمله، رفض توجيه سيد الثورة، وعمل على الحيلولة دون وصول شكوى ممَن ظلمه إلى السيد مجدداً بكل ما لديه من قوة وعلاقات وسلطة ونفوذ.

أترك تعليقاً

التعليقات