ملامح عودة زمن البشرى والنور
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
وأطل القائد، في مشهدٍ رساليٍ زاخرٍ بالدروس والعبر والإيحاءات، التي تعكس سلامة النهج وواحديته، وصدق الانتماء وقوة الصلة بين الأصل والجذور وبين الفرع والامتداد.
نعم، فالزمن الذي ابتدأ بمحمد صلى الله عليه وآله، هو اليوم ذاته الذي يعود كي يختتم مسيرة البشرية به وبأنصاره، بعد أن عاش العالم لفترات طويلة مع مختلف الأفكار والفلسفات، وجرب جميع النظم والقوانين التي نتجت عن مختلف النظريات، فما زاده ذلك إلا شقاءً وبؤساً، ولم يجنِ سوى المزيد من الضلال والخيبة والخسران والتفكك والخزي والفقر والخراب والذل والمرض والعجز والفساد، وبات لزاماً عليه أن يعود إلى رحاب الله، ويستجيب لنداء رسوله، ويلزم السير على صراطه المستقيم، فيستعيد بذلك كرامته، ويبني وفق ما يهدي إليه كتاب ربه نفسه ومجتمعه وسائر شؤون حياته.
وهنا قد يقول قائل: لقد كان الإسلام موجوداً في جميع مراحل الحياة، وعلى امتداد قرون، فلماذا لم يستطع فعل شيء ولاسيما خلال الأربعة القرون الماضية؟
والجواب: إن الإسلام الذي شهد تراجع المسلمين العلمي والأخلاقي، وعاصر سقوطهم الحضاري لم يكن هو إسلام محمد عليه وعلى آله أزكى الصلاة وأتم التسليم، وإنما كان عبارة عن جسد خاوٍ بلا روح، ليس في طقوسه أو تعاليمه ما يرشدك إلى معرفة الرسول، أو يعطيك تصورا صحيحا عن طبيعة الرسالة ومضامينها، إذ بدا لنا أن هناك ثقافة قدمت الرسول بخلاف حقيقته، وجرمت كل المساعي التي تستهدف تركيز الإيمان به، وحاربت كل المظاهر الموحية بتعظيمه ومحبته ونصرته، وعمدت لفصل الأمة عن النور الذي جاء به، فكان كل ما وقع على المسلمين هو النتاج الطبيعي لهذه الثقافة التي ضربتنا من الداخل قبل أن يعمل أعداؤنا على ضربنا من الخارج.
ولكننا اليوم نشهد وجود ثقافة أخرى، نرى من خلالها عظمة هذا الدين، ونلمس في سياق حركة الزمن آثارها الطيبة التي ملأت النفوس بمحبة نبي الرحمة، وعززت الإيمان به في بنيتها، ووضحت لها مستوى عظمته، وعلو مقامه، وفتحت لها سبل تحقيق الاهتداء به، والاقتفاء لأثره، والاتباع للنور الذي أُنزل إليه، الأمر الذي سيجعل فلاحها حقيقةً ملموسة في واقعها، كنتيجة طبيعية لما تمثلته في حركتها والتزاماتها على كل صعيد.

أترك تعليقاً

التعليقات