مسوخ التكفير بين هزيمتين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ما إنْ تأتي على يمن الأنصار مناسبةٌ من المناسبات التي لها علاقة بتاريخه المشرف، وسابقته في الإيمان والجهاد، وعظيم بلائه في مقارعة الكفر والطاغوت، أو لها صلة بحاضره الثوري، وتوجهه المبدئي في الدفاع عن مقدسات الأمة، وحقها في الحرية والاستقلال، والعيش الكريم، وتبنيه لكل قضايا المستضعفين والمحرومين والمضطهدين في كل بقاع الدنيا، ووقوفه إلى جانبهم، إلا وانطلقت بالتزامن مع هذه المناسبة أو تلك مسوخ التكفير في كل مكان، مبديةً للعيان مدى ما تختزنه في دواخلها من قاذورات ومخلفات تشمئز منها النفوس السوية، وينكرها القلب السليم، ويستقبحها كل ذي لب، والكارثة: أن هؤلاء المسوخ لايزالون مقتنعين أن كل تلك الفضلات الأموية الحرانية، والتقيؤات البريطانية اليهودية السرجونية الهنفرية البادية من تحت جبة شياطين نجد، المكسوة بالوهابية ثوباً، والمتخذة من الخوارج مظهراً انطبعت به سحنتها، وحكت جميع فصول جرائمه كل شعرة في لحيتها النعثلية أفكارٌ نابعةٌ من صميم الدين، وحاملةٌ للب العقيدة، ومشتملةٌ على خلاصة الحضارة والتاريخ الإسلاميين، سواءً ما كان خاصاً باليمن واليمنيين، أو عاماً بكل الأقطار والمكونات لهذه الأمة الإسلامية قاطبة.
صحيحٌ أن هؤلاء المسوخ قد ورثوا تراثاً ضخماً عن أجدادهم الطلقاء، ورموزهم الذين غيروا وبدلوا في معالم هذا الدين، وأفسدوا حواضنه، وأبطلوا نظمه، وعطلوا أحكامه، وقتلوا، وغيبوا أعلامه وورثته، إلى الحد الذي ساد فيه ما ابتدعوه من خرافات كدين وعقيدة وفكر ونظام للحياة، مع توجه هؤلاء سابقين ولاحقين إلى تبني العداء الواضح والصريح لأهل البيت عليهم السلام، في كل مراحل التاريخ القديم والحديث، باعتبار أن أهل البيت بما لهم من علاقة بالرسول صلى الله عليه وآله، جعلتهم يحملون هم الرسالة، ويحرصون على تمثلها ونشرها كما جاءت من عند الله، صافية نقية، إذ هم الأمان للأمة من الضلال، والينابيع التي تسقي بالقرآن زروع الهداية والرشاد في قلب الأمة وعقلها، بما اختصهم الله به من فضل، وهيأهم له من دور، وأوكله إليهم من مهام على أساس الاصطفاء والاختيار الإلهي، القائم على مشيئة الله، وعلمه أين يجعل رسالاته، إلا أن العناية الإلهية كانت أقوى منهم، فهو سبحانه قد تعهد بحفظ دينه، وكتابه، وكل ما له صلة بخلود ذكره، وإعزاز رسالته، وإعلاء كلمته، وشمول نوره لكل هذا الكون، ففشل باطلهم، وضعف كيدهم، وبطل سحرهم، وخاب رهانهم، وعرف الناس مكرهم وشرهم وفسادهم، على الرغم من كل ما قد فعلوه، ويفعلونه بهذا الخصوص، فبقي هذا الدين، بكماله وسعته، بعيد المنال عن كل يد من أياديهم.
وهم اليوم يخشون أن يمنوا بالهزيمة مرة أخرى، إذ كانت الهزيمة الأولى في معركتهم مع الثقلين، وأما الثانية فهي المعركة التي لاتزال رحاها دائرة حتى اليوم مع اليمن واليمنيين، والتي لم تكن إلا خشية عودة الحاضنة للرسالة إلى الواجهة، فيتحقق بعودتها عودة الإسلام، كما كان في ظل قيادة النبي صلى الله عليه وآله، ووجود مجتمع المدينة المنورة، بأوسها وخزرجها.

أترك تعليقاً

التعليقات