سلامة التوجه
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ذكرى استشهاد الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، تمثل محطةً تاريخية هامة، لما تحويه من الدروس والعبر التي نحتاجها في كل زمان ومكان، ولاسيما ما يتصل منها بالجانب الفكري والثقافي والتربوي والأخلاقي والاجتماعي والسياسي والجهادي، بمعنى أننا يجب أن نخرج بقدر ما نستطيع من طرق الإحياء التقليدية، التي باتت هي الغالبة على الذهنية بشكل عام، تجاه هذه الذكرى العظيمة، وكل ذكرياتنا التاريخية الأخرى، التي مثل وجودها تحولاً مفصلياً على مستوى الأمة، نتيجة قدرتها على التجدد والبقاء، وإمكانيتها في كسر حالات الجمود، وفي بعث كل القدرات والطاقات، وفي منح الساحة الإسلامية كل ما تحتاجه، من قوة معنوية، تدفعها صوب التحقيق للتغيير والإصلاح، في سياق حركة مستمرة، تغني الحاضر بتجارب الماضي، وتأخذ بكل الأسباب التي تهيئ لبناء مستقبلٍ حقيقيٍ وآمن، مع وجود حس قادرٍ على النقد والتقييم لكل المراحل الزمنية ماضياً وحاضراً، وهذا هو الملمح المهم الذي لطالما حث عليه الشهيد القائد (عليه الرحمة والسلام والرضوان)، ولن نتمكن من بلوغه إلا متى ما عملنا على مغادرة دائرة الاتخاذ للأساليب الجامدة والقوالب الجاهزة، التي لايزال واقعنا مع هذه الذكرى المقدسة وكل ذكرى محكوماً بمخرجات تلك الأساليب، التي لا تنفع، هذا إذا لم تضر، ومؤطراً بأطر تلك القوالب التي «أكل الدهر عليها وشرب».
إننا في ذكرى الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، أمام صحوة حقيقية، امتلكت القدرة على النفاذ إلى عمق الظواهر والأشياء، ولم تكتفِ كغيرها من الدعوات والحركات والتيارات بالنظر إلى الواقع من بعيد، والاكتفاء بالوقوف على السطح من كل شيء، وهنا يظهر الفرق بين نظرة الشهيد القائد وبين نظرة غيره، ففي زمن حدوث طفرة في سباق التسلح مثلاً، وتفوق قوى الاستكبار المادي والعسكري، كان الكثير من العلماء لا يجيز التحرك لمواجهة الخطر الاستعماري الذي يتهددنا، ناهيك أن يدعو إليه، لأن من وجهة نظرهم لا بد أن يكون لنا من القدرات والإمكانات ما يصل على الأقل إلى موازاة نصف ما لدى العدو من قدرات وإمكانات، ثم أثبت الشهيد القائد بطلان هذا الاعتقاد، وأوجد رجالاً يدركون أن عليهم القيام بما يستطيعون القيام به، وعندها يأتي العون الإلهي والتثبيت والربط على القلوب، وهذا التوجه السليم لا يقتصر على مجال دون آخر، بل لا بد له أن يطبع وعينا في مختلف ميادين المسؤولية، لينبني وفقه التوجه العام في مختلف المجالات.
وعلينا كذلك ألا نكتفي تجاه هذه الذكرى بالجانب الخطابي الوعظي، بل لا بد من التشجيع على إيجاد الأبحاث والدراسات العلمية والفكرية، التي بموجبها سيتعرف الناس على النظرة القرآنية، التي لم تفصل الحياة والسوق عن المسجد، بل أرادت لهذه الأرض أن تكون مسجداً، باعتبار أن كل نشاطٍ يقوم به الإنسان في أي ساحة من ساحات العمل، هو مندرج في نطاق العبادة لله تعالى وحده، من منطلق الغاية التي يسعى إليها العاملون في كل الساحات، وهي رضا الله أولاً وأخيراً، وبالتالي يصبح كل عمل فيه لله رضا عبادة يجب القيام بها، سواءً وجبت من منظور الفقهاء أم لم تجب.

أترك تعليقاً

التعليقات