الاحتكام لثقافات أخرى
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
في ذروة المواجهة والصراع بين ثورتنا المباركة، وقوى الهيمنة والكفر والظلم والاستكبار والطغيان العالمي، يتجلى لنا جانب آخر من المواجهة والصراع، والذي يحتم على الثورة وجماهيرها المخلصين والأوفياء خوضه بذات القوة والفاعلية واليقظة والعزم والتصميم الذي يحكم حركتنا في مواجهة قوى العدوان الغاشم علينا، ولربما يتطلب منا هذا الجانب الذي يخفى على الكثير، بالنظر إلى غيابه من كافة الخطط والبرامج وآليات العمل في مختلف مؤسسات الدولة، جهداً أكبر حتى من الجهد المطلوب في المواجهة الأمنية والعسكرية، لأنه هو السبيل لاستدامة الثورة وتعزيز قوتها، وتدعيم أركانها، بما يحقق لها المنعة من كل محاولات الالتفاف عليها من الداخل، أو تجميدها والسطو على مكتسباتها، وإفراغها من ثقافتها، من خلال العمل على تعطيل منهجيتها الحاكمة لكل تصوراتها، والمحددة لأهدافها وتطلعاتها، والبانية لمواقفها، وذلك بفرض منهجية أخرى باسمها هي في الأساس بعيدة كل البعد عن روحيتها، متناقضة تماماً مع الثوابت والأسس والرؤى التي تقوم عليها هذه الثورة، وعن طريق مؤسسات يعد وجودها ثمرة من ثمار الثورة، لكن نتيجة احتكام القائمين على تلك المؤسسات لثقافات أخرى، ورفضهم لثقافة الثورة، بل واستخفافهم بها واستعلائهم عليها، تتولد القطيعة بين تلك المؤسسات وبين الثورة، فتصبح حركة تلك المؤسسات العملية خالية من أي معنى من المعاني التي توحي لك بشيء من الانسجام بين ما تقرأه وتسمعه من دروس ومحاضرات الشهيد القائد (رضوان الله عليه)، التي هي الأصل في وجود النظرية الموجدة للرؤية والمنهج في مختلف القضايا وجميع المجالات، وبين واقع تلك المؤسسات وما تقدمه من مشاريع وتقوم به من أعمال، لا تجد فيها أدنى رابط يشعرك بوجود أثر ما للنظرية في جانب التطبيق على أرض الواقع، سواءً في مقام تحديد الأولويات، أو حتى في بنية الخطاب الذي يحكم توجه تلك المؤسسات بشكل عام.
ولسنا هنا في معرض التشكيك أو التشهير بأحد، وإنما نحن في مقام التنبيه والتحذير من عودة الرؤية لأصول الفقه من جديد، وبروزها إلى الواجهة على حساب تراجع وانكفاء الرؤية القرآنية، وهذا ما نستوحيه من المشروع الذي تبنته مؤخراً الهيئة العامة للأوقاف، وبدأت بتنفيذه في أمانة العاصمة، تحت عنوان: «إنما يعمر مساجد الله». وذلك بترميم وتجديد وتأثيث الكثير من المساجد، بتكلفة مالية مهولة، بلغت اثنين ونصف مليار ريال يمني، وفي هذه الظروف العصيبة، التي نحن بأمس الحاجة فيها للريال الواحد، في دعم الجبهات المختلفة، زراعياً وعسكرياً واجتماعياً وعلمياً واقتصادياً، فبدلاً من كل ذلك، ذهبنا لتجديد الفرش والصوتيات في المساجد، تحت مبررات فقهية وآراء اجتهادية كانت السبب في ضعف الأمة وتراجعها في كل المجالات، إلى الحد الذي أوقعها أسيرةً بيد عدوها، محتاجة إليه في جميع شؤون حياتها، لقرون من الزمن.

أترك تعليقاً

التعليقات